[ ص: 392 ] 140 - باب بيان مشكل ما روي عنه عليه السلام فيمن اطلع على رجل في منزله بغير إذنه هل له فقء عينه لذلك أم لا ؟
932 - حدثنا ، حدثنا بكار ، حدثنا أبو عاصم ، عن ابن عجلان أبيه ، عن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أبي هريرة لو اطلع عليك رجل فخذفته ففقأت عينه ما كان عليك جناح } .
ففي هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نفي الجناح عن من خذف رجلا قد اطلع عليه في منزله ففقأ بذلك عينيه إذ كان من حقه قطعه الاطلاع على منزله والنظر إلى ما فيه مما لا يحل لأحد النظر إليه .
933 - حدثنا ، حدثنا يونس ، عن ابن عيينة ، عن الزهري سمعه يقول : { سهل بن سعد اطلع رجل من جحر في حجرة النبي عليه السلام ومع النبي صلى الله عليه وسلم مدرى يحك به رأسه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لو أعلم أنك تنظرني لطعنت به في عينك ، إنما جعل [ ص: 393 ] الاستئذان من أجل النظر } .
934 - حدثنا ، حدثنا يونس ، أخبرني ابن وهب ، عن يونس أن ابن شهاب أخبره ... ثم ذكر مثله . سهل بن سعد
935 - حدثنا محمد بن عبد الرحيم الهروي ، حدثنا ، عن آدم بن أبي إياس ، عن ابن أبي ذئب ، عن الزهري { سهل بن سعد أن رجلا اطلع في جحر في باب النبي صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم يحك رأسه بالمدرى ، فقال : لو أعلم أنك تنظر لطعنت في عينك ، إنما جعل الإذن من أجل الإبصار } .
ففي هذا إطلاق ما في الأول للمطلع عليه من المطلع عليه .
936 - حدثنا ابن خزيمة ، حدثنا ، حدثنا معلى بن أسد عبد العزيز بن المختار ، عن ، عن سهيل ، عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أبي هريرة من اطلع في بيت قوم [ ص: 394 ] بغير إذنهم فقد حل لهم أن يفقؤوا عينه } .
937 - حدثنا فهد ، حدثنا ، حدثنا موسى بن إسماعيل المنقري ، حدثنا أبان بن يزيد : أن يحيى وهو ابن أبي كثير ، حدثه عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة { أنس أن أعرابيا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فألقم عينيه خصاصة الباب ، فبصر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخذ سهما أو عودا محددا وجاء به ليفقأ عين الأعرابي ، فانقمع الأعرابي وذهب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما إنك لو ثبت لفقأت عينك } .
938 - حدثنا ، حدثنا إبراهيم بن أبي داود ، حدثنا مسدد ، عن حماد عبيد الله بن أبي بكر ، عن { أنس أنس : وكأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يختله ليطعنه أن رجلا اطلع في بعض حجر النبي عليه السلام ، فقام إليه النبي صلى الله عليه وسلم بمشقص ، أو قال بمشاقص ، قال } .
[ ص: 395 ] وفيما روينا من هذه الآثار ما قد دل أنه لما كان من صاحب المنزل ترك الاطلاع إلى منزله كان له قطع ذلك عن منزله ، وإن كان في قطعه إياه عنه تلف عين المطلع عليه ، وكان من كان له أن يفعل شيئا ففعله معقولا أن لا ضمان عليه فيه .
وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من نفيه وجوب ضمان في ذلك على من فعله لمن فعله به من قصاص ومن دية .
939 - كما حدثنا محمد بن إبراهيم بن يحيى بن جناد البغدادي ، حدثنا ، حدثنا علي بن المديني ، عن معاذ بن هشام ، عن أبيه ، عن قتادة النضر بن أنس ، عن ، عن بشير بن نهيك ، عن النبي عليه السلام قال : { أبي هريرة من اطلع في دار قوم بغير إذنهم ففقؤوا عينه فلا دية ولا قصاص } .
940 - وكما حدثنا ، حدثنا أبو أمية ، [ ص: 396 ] حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري ... ثم ذكر بإسناده مثله . معاذ بن هشام
وهذه الروايات قد جاءت بما فيها مما ذكرناه مجيئا متواترا يشد بعضه بعضا ، ولم نجد استعمال فقهاء الأمصار لها كذلك ، وكان قطع نظر المطلع إلى بيت غيره بغير أمره ، عن نظره إلى ما في بيته مما قد يقدر عليه بالزجر باللسان والوعيد بالأقوال ، فاحتمل أن يكون تارك ذلك ومتجاوزه إلى فقء عين الناظر يوجب الضمان عليه في فقئه إياها .
فنظرنا في ذلك فوجدنا جهاد العدو واجبا علينا ، فكنا إذا فعلناه بدعاء منا العدو إلى ما نقاتلهم عليه متقدما لقتالنا إياهم كان حسنا ، ولو قاتلناهم بغير دعاء منا إليهم إلى ذلك لعلمنا أنهم قد علموا ما ندعوهم إليه وما نقاتلهم عليه كنا غير ملومين في ذلك وغير ضامنين لما نصيبه منهم فيه من أنفسهم ومن أموالهم ومن أولادهم ، فكان مثل ذلك عندنا - والله أعلم - أمر هذا المطلع في بيت من اطلع في بيته إن دعوناه إلى ما يحاوله منه وأعلمناه أنه إن لم ينزجر عن ما هو عليه أنا فاعلوه به كان حسنا وإن لم نفعل ذلك به واستعملنا فيه ما في هذه الآثار التي رويناها لعلمنا أنه يعلم ما نريده منه من انزجاره عن ما هو عليه من الاطلاع إلى ما يطلع إليه مما هو حرام عليه كان جائزا لنا .
ومثل ذلك المرتد عن الإسلام إلى الكفر إن استتبناه قبل أن نقتله كان حسنا ، وإن قتلناه بلا استتابة منا إياه لعلمنا أنه يعلم ما نريده باستتابتنا إياه منه كان جائزا .
[ ص: 397 ] وهذا الذي ذكرناه في هذه الآثار من نفي قصاص ومن نفي الدية عن الفاقئ لعين المطلع الذي ذكرنا من ما لا يسع خلافه ولا القول بغيره لما قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه ، ثم ما يدل عليه من المعقول ومن النظر الصحيح .
وقد روي هذا القول الذي اجتبينا عن عمر : كما حدثنا ، حدثنا يوسف بن يزيد ، حدثنا سعيد بن منصور ، حدثنا هشيم ، عن أشعث بن عبد الملك أن الحسن رضي الله عنه قال : عمر بن الخطاب . من اطلع على قوم فأصابوه بجراحة فلا دية له