[ ص: 284 ] 576 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغيل من كراهة له ، ومن هم بنهي عنه ، ومن نهي عنه ، ومما سوى ذلك مما كان منه فيه
3658 - حدثنا ، قال : حدثنا الربيع بن سليمان المرادي ، قال : حدثنا أسد بن موسى ، عن إسماعيل بن عياش عمرو بن مهاجر ، عن أبيه ، عن قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أسماء ابنة يزيد بن السكن الأنصارية لا تقتلوا أولادكم سرا ، فإن الغيل يدرك الفارس على ظهر فرسه .
3659 - حدثنا فهد ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا أبو نعيم ابن أبي غنية ، عن عبد الملك بن حميد ، عن محمد بن مهاجر الأنصاري ، عن أبيه ، عن ، قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 285 ] يقول : أسماء ابنة يزيد الأنصارية لا تقتلوا أولادكم سرا ، فإن قتل الغيل يدرك الفارس ، فيدعثره عن ظهر فرسه .
قال : فتأملنا هذين الحديثين فوجدنا فيهما من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته : لا تقتلوا أولادكم سرا . ثم ذكر المعنى الذي ذكره فيهما فكان ذلك على التحذير منه إياهم ذلك ، وإعلامه إياهم أنه قد يكون منه دعثرة الفارس عن فرسه ، وكان ذلك منه صلى الله عليه وسلم - والله أعلم - على ما كانت العرب تقوله فيه ، فحذر من ذلك وإن كان لم [ ص: 286 ] ينزل عليه فيه من الله عز وجل تصديق لها ولا تكذيب لها فيما كانت تقوله من ذلك على الإشفاق على أولادهم ، لا على ما سوى ذلك من تحريم منه عليهم ما يكون سببا لذلك الغيل المخوف على أولادهم . أبو جعفر
3660 - كما حدثنا ، قال : حدثنا بكار بن قتيبة ، وحدثنا أبو عامر العقدي ، قال : حدثنا يزيد بن سنان ، وكما حدثنا مؤمل بن إسماعيل فهد بن سليمان ، قال : حدثنا ، قالوا : أخبرنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا سفيان الثوري الركين بن الربيع ، عن القاسم بن حسان ، عن عمه عبد الرحمن بن حرملة ، عن ، قال : عبد الله بن مسعود كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره عشرا : الصفرة ، وتغيير الشيب ، والتختم بالذهب ، وجر الإزار ، والتبرج بالزينة لغير محلها ، والضرب بالكعاب ، وعزل الماء عن محله ، وفساد الصبي غير محرمه ، وعقد التمائم والرقى إلا بالمعوذات .
[ ص: 287 ]
3661 - وكما حدثنا ، قال : حدثنا يزيد بن سنان الحسن بن عمر بن شقيق ، قال : حدثنا ، عن جرير بن عبد الحميد الركين بن الربيع بن عميلة الفزاري ، ثم ذكر بإسناده مثله .
3662 - وكما حدثنا ، قال : أخبرنا أحمد بن شعيب محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ، قال : سمعت المعتمر بن سليمان الركين [ ص: 288 ] يحدث ، ثم ذكر بإسناده مثله .
وفي هذا الحديث كراهة رسول الله صلى الله عليه وسلم لفساد الصبي وهو بالغيل الذي ذكرنا غير محرمه ، فدل ذلك أن كراهيته صلى الله عليه وسلم لما كره من ذلك ، كان كراهية لا تحريم معها .
فإن قال قائل : فقد روي عن ، عن النبي صلى الله عليه وسلم نهيه عنه . ابن عباس
3663 - فذكر ما قد حدثنا روح بن الفرج ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير ، عن سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن عطاء رضي الله عنهما : أن النبي صلى الله عليه وسلم ابن عباس فارس والروم نهى عن الاغتيال . ثم قال لو ضر أحدا لضر .
فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل : أن النهي قد يكون للكراهة بلا نهي معها ، كما نهى صلى الله عليه وسلم عن الشرب قائما ، لا لأنه حرم ذلك ، ولكنه لما خاف من ضرره على من يفعله . وقد ذكرنا ما روي [ ص: 289 ] في ذلك فيما تقدم منا من كتابنا هذا .
والدليل على أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن نهيه عن الغيل نهي تحريم .
3664 - ما قد حدثنا ، قال : أخبرنا يونس ، أن ابن وهب أخبره ، عن مالكا ، عن محمد بن عبد الرحمن بن نوفل ، عن عروة ، عن عائشة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : جذامة ابنة وهب فارس والروم يصنعون ذلك فلا يضر أولادهم لقد هممت أن أنهى عن الغيلة حتى ذكرت أن .
3665 - وما قد حدثنا ، قال : حدثنا محمد بن علي بن زيد المكي ، قال : حدثنا القعنبي ، ثم ذكر بإسناده مثله غير أنه لم يذكر في حديثه مالك ، وأوقفه على جذامة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم . عائشة
3666 - وما قد حدثنا ، قال : حدثنا بكار بن قتيبة إبراهيم بن أبي الوزير ( ح ) [ ص: 290 ] وما قد حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : حدثنا ، قالا : حدثنا أبو مسهر ، عن مالك بن أنس ، عن محمد بن عبد الرحمن ، عن عروة ، عن عائشة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله . جذامة ابنة وهب
3667 - وما قد حدثنا ، قال : حدثنا علي بن معبد ، قال : حدثنا يحيى بن إسحاق السيلحيني ، عن يحيى بن أيوب ، عن محمد بن عبد الرحمن بن نوفل ، عن عروة ، عن عائشة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله . جذامة ابنة وهب الأسدية
3668 - وما قد حدثنا أحمد بن أبي داود ، قال : حدثنا ، قال : أخبرنا سعيد بن أبي مريم ، قال : حدثني يحيى بن أيوب ، قال : حدثنا أبو الأسود محمد بن عبد الرحمن ، عن عروة ، عن عائشة ، ثم ذكر بإسناده مثله . جذامة
3669 - وما قد حدثنا ، قال : حدثنا الربيع بن سليمان الأزدي أبو زرعة ، قال : أخبرنا ، عن حيوة ، أنه سمع أبي الأسود ، يحدث عن عروة ، عن عائشة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله . جذامة
[ ص: 291 ]
3670 - وما قد حدثنا صالح بن عبد الرحمن الأنصاري ، وإبراهيم بن محمد بن يونس البصري ، قالا : حدثنا ، قال : حدثنا المقرئ ، عن سعيد بن أبي أيوب ، عن أبي الأسود ، عن عروة ، قالت : حدثتني عائشة ، ثم ذكرا مثله . جذامة
فكان في هذا الحديث ما قد دل على إطلاقه صلى الله عليه وسلم لأمته ما كان حذرهم إياهم لما وقف على أن ذلك لا يضر فارس والروم في أولادهم ، وقد كانت بقيت بقية منه في صدور العرب ، حتى روي عن رضي الله عنه في ذلك . علي بن أبي طالب
ما قد حدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا وهب بن جرير ، عن شعبة ، عن سماك بن حرب عطية بن جبير ، عن أبيه ، قال : رضي الله عنه ، فقال : إن كنت حلفت على بصيرة ، فقد بانت منك امرأتك ، وإلا فهي امرأتك عليا . مات ذو قرابة لي ، وترك ابنا له ، فأرضعته امرأتي ، فحلفت أن لا أقربها حتى تفطم الصبي ، فلما مضت أربعة أشهر ، قيل لي : قد بانت منك امرأتك ، فسألت
[ ص: 292 ] وقد كان ذهب إلى هذا المعنى ، فسئل عن رجل ترك امرأته وهي ترضع حتى تفطم ولدها ، فأبت ذلك عليه ، وطلبت منه وطأه إياها ، فقال : لا أرى لها في ذلك حجة ، ولا يكره على ذلك ، كانت فيه يمين أو لم تكن ، وأرى قول علي في ذلك يعجبني ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : مالك بن أنس لقد هممت أن أنهى عن الغيلة ، فقال مالك : وهو أن يطأ الرجل امرأته وهي ترضع ، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم هم بذلك حتى ذكر أن فارس والروم يفعلونه ، فكف عنه ، فليس هذا مما يقضى لها به ، ولا يجبر عليه ، وإنما ذلك ما كان على وجه الإضرار ، وليس هذا مضارا إنما يريد استصلاح ولده ، فلا أرى لها في ذلك قولا ، ولا يكره في ذلك على وطئه إياها . ذكر ذلك عنه عبد الرحمن بن القاسم في سماعه منه .
وقد خالف ذلك آخرون ، منهم : وأصحابه ، فجعلوه في ذلك مؤليا منها ، إن حلف ألا يقربها حتى تفطم ولدها إذا كان بينه وبين تمام الحولين أربعة أشهر فصاعدا ، ذكر لنا أبو حنيفة ابن أبي عمران عن ابن سماعة ، عن محمد بن الحسن بغير خلاف ذكره فيه بينه وبين أصحابه ، وهذا القول عندنا أولى القولين ; لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحرم الرضاع في الجماع ، وإنما كرهه إشفاقا ، ثم أطلقه ، فكان الممتنع منه لزوجته كالممتنع من مثله في غير حال الرضاع .
وقد زعم زاعم - وهو - أن قوما يقولون : إن الغيل جماع الحامل لا جماع المرضع ، ذكر ذلك الليث بن سعد زيد بن بشر ، عن ابن وهب ، عنه ، فأما مالك ، فكان مذهبه فيه : . أنه جماع المرضع
[ ص: 293 ] كما حدثنا ، قال : أخبرنا يونس ، عن ابن وهب ، مالك
وكما حدثنا ، قال : حدثنا محمد بن علي بن زيد المكي ، عن القعنبي . مالك
وكان ما قال مالك في هذا أولى عندنا مما قاله الليث فيه ; لأنه عند العرب مما قد ذكرته في أشعارها ، ومما قد فخرت به نساؤها .
فأجاز لنا علي بن عبد العزيز ، عن أبي عبيد ، قال : قال أبو عبيدة واليزيدي والأصمعي وغيرهم : الغيل : أن يجامع امرأته وهي مرضع ، قال : والعرب تقول للرجل تمدحه : ما حملته أمه وضعا - ومنهم من يقول : تضعا - ولا أرضعته غيلا ، ولا وضعته يتنا ، ولا أباتته مئقا ، فقولهم : ما حملته وضعا ، يريد : ما حملته على حيض ، وقولهم : ولا أرضعته غيلا ، يعنون : أن توطأ وهي مرضع ، ولا وضعته يتنا ، يعنون : أن يخرج رجلاه قبل يديه في الولادة ، يقال منه : موتن للمرأة التي ولدته كذلك ، وللولد : موتن ، وقولهم : ولا أباتته مئقا ، وبعضهم يقول : ولا أباتته على مأقة ، فإنه شدة البكاء . فدل ذلك في الغيل على ما قاله مالك فيه .
وقد روي فيما كان من النبي صلى الله عليه وسلم في إباحته وطء المرضع .
3671 - ما قد حدثنا ، قال : حدثنا ابن أبي داود ، قال : أخبرنا ابن أبي مريم ، قال : أخبرني يحيى بن أيوب عياش بن عباس ، قال : أخبرني ، عن أبو النضر ، [ ص: 294 ] أن عامر بن سعد بن أبي وقاص أخبر والده أسامة بن زيد رضي الله عنه ، سعد بن أبي وقاص فارس والروم أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : إني أعزل عن امرأتي . قال : لم ؟ قال : أشفق على الولد . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن كان لذلك فلا ، ما كان ضارا .
قال أبو عبيد فيما أجازه لنا علي : فأما قوله : يعني النبي صلى الله عليه وسلم : إنه ليدرك الفارس فيدعثره ، يقول : يهزمه ويطحطحه بعدما صار رجلا قد ركب الخيل ، والله عز وجل نسأله التوفيق .