[ ص: 506 ] 931 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله : لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب ، ومما روي عنه مع ذلك في الحال التي تزوج فيها من حرم أو حل ميمونة
5793 - حدثنا ، أخبرنا يونس ، أن ابن وهب ، مالكا حدثاه ، عن وابن أبي ذئب ، عن نافع نبيه بن وهب أخي بني عبد الدار ، عن قال : سمعت أبي أبان بن عثمان يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عثمان بن عفان لا ينكح المحرم ، ولا ينكح ، ولا يخطب [ ص: 507 ] .
5794 - وحدثنا أحمد بن داود بن موسى ، حدثنا ، حدثنا أبو معمر عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج ، حدثنا عبد الوارث بن سعيد ، حدثني أيوب بن موسى المكي ابن وهب - ولم يذكر بينه وبين أيوب أحدا - عن ، حدثني أبان بن عثمان رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : عثمان المحرم لا ينكح ولا ينكح [ ص: 508 ] .
5795 - وحدثنا ، حدثنا محمد بن جعفر بن محمد المعروف بابن الإمام ، حدثنا يوسف بن موسى القطان ، عن سلمة بن الفضل إسحاق بن راشد ، عن ، عن زيد بن علي ، حدثني أبان بن عثمان رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : عثمان لا ينكح المحرم ولا ينكح .
ففي هذا الحديث نهى النبي صلى الله عليه وسلم المحرم عما نهاه عنه مما ذكر فيه ، وكان نهيه إياه عن ذلك تنازع أهل العلم في مراده به ، ما هو ؟ فقال بعضهم : هو لأن نكاحه كذلك لا يجوز لنفسه ولا لغيره لإحرامه الذي هو فيه ، مما الجماع فيه عليه حرام ، وممن ذهب إلى ذلك منهم : ، مالك بن أنس والشافعي في كثير من أهل الحجاز ، غير أن قد كان قال في ذلك مما ذكر مالكا ابن وهب عنه .
مما قد حدثنا ، أخبرنا يونس ، عن ابن وهب ، قال : مالك عبد الرحمن بن القاسم : أنه يفرق بينهما ، ويكون فسخا بغير طلاق . وكان ذلك العقد لا يخلو من أحد وجهين من أن يكون يوجب ملك البضع أو لا يوجبه ، فإن كان يوجب ملكه ، فلا معنى لإيقاع طلاق فيه لا يريد مالكه ، وإن كان لا يوجب ملكه ، فلا معنى لإيقاع [ ص: 509 ] طلاق فيه ، لأن الطلاق إنما يقع ممن تقدم ملكه للبضع الذي يقع فيه ، وكذلك الفسخ فإنما يكون لما قد كان قبل عقده منعقدا إلا بما يزول به الإملاك عن مثله باختيار مالكيها كذلك . يفرق بينهما ، ويكون ذلك تطليقة ، وروى عنه
وقال بعضهم : ما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك مما ذكر في هذا الحديث إنما هو على كراهيته للمحرم من الرفث في إحرامه خوفا منه عليه أن يكون سببا لوقوعه فيه ، لا أنه على نفسه أو على غيره بأمره لم يكن جائزا . قالوا : والدليل على ما قد ذكرنا من ذلك ما قد روي عنه صلى الله عليه وسلم من تزويجه في حال إحرامه . ميمونة
5796 - كما حدثنا ، حدثنا بكار بن قتيبة . إبراهيم بن بشار
5797 - وكما حدثنا ، حدثنا المزني ، قالا : حدثنا الشافعي ، عن سفيان بن عيينة عمرو بن دينار ، عن بن زيد رضي الله عنه : ابن عباس وهو محرم ميمونة أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج .
قال ، فحدثني عمرو ، عن ابن شهاب : يزيد بن الأصم وهي خالته وهو حلال ميمونة . أن النبي صلى الله عليه وسلم نكح
قال عمرو : فقلت للزهري : وما يدري يزيد بن الأصم ، أعرابي بوال ، أتجعله إلى ؟ [ ص: 510 ] فكان هذا مما لا يختلف عن ابن عباس فيه ، وقد روي عن ابن عباس موافقتها إياه على ذلك . عائشة
5798 - كما حدثنا محمد بن خزيمة ، وفهد بن سليمان ، قالا : حدثنا ، حدثنا معلى بن أسد ، عن أبو عوانة ، عن مغيرة ، عن أبي الضحى ، عن مسروق رضي الله عنها قالت : عائشة تزوج النبي صلى الله عليه وسلم بعض نسائه وهو محرم .
[ ص: 511 ] وهذا مما لا نعلمه روي عن رضي الله عنها مما يخالفه ، وقد روي عن عائشة أيضا ما يوافق ذلك . أبي هريرة
5799 - كما حدثنا سليمان بن شعيب الكيساني ، حدثنا ، حدثنا خالد بن عبد الرحمن الخراساني كامل أبو العلاء ، عن [ ص: 512 ] ، عن أبي صالح ، قال : أبي هريرة تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم ، وهذا مما لا نعلم أيضا عن فيه خلافا لذلك . أبي هريرة
فقال قائل : فقد روي عن أبي رافع : أن تزويج النبي صلى الله عليه وسلم كان وهو حلال ، وذكر في ذلك . ميمونة
5800 - ما قد حدثنا ، حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، حدثنا حبان بن هلال ، عن حماد بن زيد ، عن مطر - يعني الوراق - ، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن ، عن سليمان بن يسار : أبي رافع حلالا ، وبنى بها حلالا ، وكنت الرسول بينهما ميمونة أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج .
[ ص: 513 ] فكان من الحجة عليه لمخالفيه في ذلك : أن هذا الحديث إنما رواه كما ذكر مطر الوراق ، وقد كان رواه عن ربيعة من هو أحفظ وأثبت ، وهو : [ ص: 514 ] . مالك بن أنس
5801 - كما حدثنا ، أخبرنا يونس : أن ابن وهب حدثه ، عن مالكا ، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن : سليمان بن يسار أبا رافع مولاه ورجلا من الأنصار ، فزوجاه ، وهو ميمونة بنت الحارث بالمدينة قبل أن يخرج أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث ، وذكر الحديث .
فعاد هذا الحديث موقوفا على بغير تجاوز به إلى سليمان بن يسار أبي رافع ، فخرج من أن يكون حجة لمن يحتج به في هذا الباب .
فقال هذا القائل : فقد روى عنه مطر في تزويج ، عن ميمونة : أنه كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو حلال . ميمونة
5802 - وذكر في ذلك ما قد حدثنا ، أخبرنا يونس ، حدثني ابن وهب ، أنه سمع جرير بن حازم أبا فزارة يحدث ، عن ، قال : أخبرتني يزيد بن الأصم : ميمونة أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها حلالا [ ص: 515 ] .
5803 - وما قد حدثنا الربيعان : ، الربيع المرادي ، قالا : حدثنا والربيع الأزدي . أسد بن موسى
5804 - وما قد حدثنا محمد بن خزيمة ، حدثنا ، قالوا : حدثنا حجاج بن منهال ، عن حماد بن سلمة ، عن حبيب بن الشهيد ، عن ميمون بن مهران ، عن يزيد بن الأصم ، قالت : ميمونة بنت الحارث مكة تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن حلالان بعد أن رجع من .
[ ص: 516 ] قال : فهذه تخبر أن تزويج رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إياها وهو حلال . ميمونة
فكان من الحجة عليه لمخالفيه في ذلك : أن قد أخبر في حديثه أن تزويجه صلى الله عليه وسلم كان إياها قبل ذلك وهو محرم ، وقد روي عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان طلب أن يعرس بها ابن عباس بمكة ، فأبى ذلك عليه أهلها .
5805 - كما قد حدثنا ، حدثنا الربيع المرادي ، حدثنا أسد بن موسى ، حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، حدثني محمد بن إسحاق أبان بن صالح ، ، عن وعبد الله بن أبي نجيح ، مجاهد ، عن وعطاء رضي الله عنه : ابن عباس وهو حرام ، فأقام ميمونة بنت الحارث بمكة ثلاثا ، فأتاه خويلد بن عبد العزى في نفر من قريش في اليوم الثالث ، فقالوا : إنه قد انقضى أجلك فاخرج عنا ، فقال : وماذا عليكم لو تركتموني فعرست بين أظهركم ، فصنعنا لكم طعاما فحضرتموه ؟ فقال : لا حاجة لنا في طعامك فاخرج عنا ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وخرج بميمونة حتى عرس بها بسرف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج .
[ ص: 517 ] ففي هذا ما قد دل على أنه صلى الله عليه وسلم قد كان تزوجها في خلاف الوقت الذي ذكره مطر الوراق في حديثه أنه كان وهو بالمدينة قبل أن يخرج .
فإن قال : أفيخفى عن وهي المتزوجة الوقت الذي تزوجها فيه ؟ ميمونة
قلنا : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان خطبها ، وفوض أمرها إلى العباس ، فزوجها إياه ، فاحتمل أن يكون لما فوض إلى العباس أمرها ما فوضته إليه ، ذهب عنها الوقت الذي كان من العباس فيه عقد التزويج عليها ، فلم تعلم بذلك إلا في الوقت الذي كان بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بها فيه ، وعلم أنه كان قبل ذلك من أبيه في عقد التزويج عليها ما لحضوره ذلك منه ، ولغيبتها عنه . ابن عباس
فقال قائل : فإن خبر عثمان فيه النهي ، فكيف يجوز أن يكون يحدث بالنهي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قد علم من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه الإباحة ؟
فكان جوابنا له في ذلك : أن عثمان لم يذكر في حديثه من أمر شيئا ، وإنما ذكر فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم ما ذكر عنه فيه مما قد يجوز أن يكون سمعه منه قبل ذلك ، أو سمعه عنه بعد ذلك مما أراد به غيره من أمته مما هو فيه بخلافهم ، لأنه كان صلى الله عليه وسلم محفوظا مالكا لإربه ، ولم يكن غيره من أمته كذلك ، فنهاهم عما نهاهم عنه للخوف عليهم ما يخاف عليهم من مثله ، وفعل هو صلى الله عليه وسلم لأمانه في ذلك على نفسه منه ، وليس في حديثه ما يدل على أن عقد التزويج المنهي إذا وقع [ ص: 518 ] كان غير جائز . ميمونة
ومما يؤكد هذا المعنى مما يقصد فيه بالحجة إلى أنا رأينا الله عز وجل قد نهى في كتابه عن البيع يوم الجمعة بعد النداء ، بقوله : الشافعي إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع فكان من باع ، أو ابتاع في تلك الحال عندك مع نهي الله عنه إياه لا يبطل بيعه ولا ابتياعه مع نهي الله عز وجل عنه ، فما تنكر أن يكون كذلك تزويجه الذي قد نهاه عنه في حديث عثمان إذا كان منه لم يكن باطلا ، ولا مبطلا لتزويجه ، ونقول له ولمالك جميعا في ذلك : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يبيع حاضر لباد ، ولا اختلاف بين أهل العلم : أن من فعل ذلك لم يكن ذلك النهي مبطلا بيعه ، فما تنكرون أن يكون النهي الذي كان في تزويجه المحرم ، مع ما قد ذكرناه عن مالك من تفريقه في ذلك بطلاق أو فسخ ، وذلك لا يكون إلا عن عقد قد ثبت ، لأنه لا يقع في تزويج باطل طلاق ولا فسخ ، كان كذلك التزويج كلا تزويج ، وكان في ذلك لأنا رأينا أشياء تمنع من الجماع ، منها : الإحرام ، ومنها : الصيام ، ومنها : الاعتكاف ، وكان من تزوج في صيامه أو اعتكافه جاز تزويجه ، وإن كان مكروها له ذكر الرفث فيما هو فيه ، وكان مثل ذلك تزويجه في [ ص: 519 ] حال إحرامه يكون كذلك أيضا .
فقال قائل : أما ما ذكرته من التزويج في حال الصيام فلا حجة لك فيه ، لأنا قد رأينا الصيام لا يمنع من القبلة ، فكان مثل ذلك لا يمنع من عقد التزويج .
فكان جوابنا له في ذلك : أن ما ذكرت من حكم الصيام لو أعطيناه أن لا حجة له فيه ، لكان ما يعطيه في الاعتكاف عليه فيه من الحجة إلى ما قد ذكرنا ، وفي وجوب ذلك ما قد قامت الحجة لمن ذهب إلى إجازة تزويج المحرم .
فقال قائل : فقد روي في المنع من تزويج المحرم عن الكراهة لذلك فيما قد رويته عن ابن عمر عمر وزيد : أنهما ردا نكاح محرمين ، فإلى قول من خالفت هؤلاء ؟
قيل له : إلى قول عبد الله بن مسعود ، وابن عباس ، وأنس بن مالك .
كما قد حدثنا محمد بن خزيمة ، حدثنا ، حدثنا حجاج بن منهال ، عن جرير بن حازم ، عن سليمان الأعمش : إبراهيم كان لا يرى بأسا أن يتزوج المحرم ابن مسعود . أن
فإن قال : هذا حديث غير متصل ، قيل له : إن إبراهيم ما ذكره [ ص: 520 ] عن مما لم يذكر بينه وبينه فيه أحدا ، فهو عن جماعة ، عن ابن مسعود . ابن مسعود
كما حدثنا ، حدثنا إبراهيم بن مرزوق أو وهب - بشر بن عمر يشك فيمن حدث به عنه منهما - ، حدثنا أبو جعفر ، عن شعبة ، قال : سليمان الأعمش : إذا حدثت فأسند . قال : إذا قلت لك : قال لإبراهيم عبد الله ، فلم أقل ذلك حتى حدثنيه عن عبد الله غير واحد ، وإذا قلت : حدثني فلان عن عبد الله ، فهو الذي حدثني . قلت
وكما حدثنا محمد بن خزيمة ، حدثنا ، حدثنا حجاج بن منهال ، عن حماد بن سلمة ، حبيب المعلم وقيس ، ، عن وعبد الكريم : عطاء كان لا يرى بأسا أن يتزوج المحرمان ابن عباس . أن
وكما حدثنا روح بن الفرج ، حدثنا ، حدثنا أحمد بن صالح ، حدثني ابن أبي فديك قال : عبد الله بن محمد بن أبي بكر رضي الله عنه عن نكاح المحرم فقال : [ ص: 521 ] لا بأس به ، هل هو إلا كالبيع أنس بن مالك . سألت
هكذا حدثنا روح فقال فيه : عن عبد الله بن محمد بن أبي بكر ، وبعض الناس يقول : إن بين عبد الله وبين أنس محمد بن أبي بكر - وهو أبو عبد الله هذا - ، وهو الثقفي ، وقد روى عنه مالك وغيره ، ومحمد بن عبد الله .