[ ص: 96 ] 229 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله : { لا يلدغ مؤمن من جحر مرتين } .
1462 - حدثنا أبو القاسم هشام بن محمد بن قرة بن أبي خليفة ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الأزدي ، قال : حدثنا يونس ابن وهب ، عن وأيوب بن سويد ، عن يونس ، عن ابن شهاب ، عن ابن المسيب ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أبي هريرة أيوب : من جحر واحد إن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين } ، في حديث .
1463 - وحدثنا محمد بن عزير الأيلي ، قال : حدثنا سلامة بن روح ، عن ، عن عقيل بن خالد - أن [ ص: 97 ] محمد بن مسلم - يعني : الزهري حدثه ، أن سعيد بن المسيب أخبره ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : { أبا هريرة لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين } .
1464 - وحدثنا ، قال : أخبرنا أحمد بن شعيب ، قال : حدثنا قتيبة بن سعيد ، عن الليث بن سعد ، عن عقيل ، عن ابن شهاب ، عن ابن المسيب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، مثله . أبي هريرة
قال : فتأملنا هذا الحديث فوجدنا كل من حدثناه ممن ذكرناه في هذا الباب ومن غيرهم ممن لم يذكر فيه ، إنما حدثوناه : { لا يلدغ مؤمن من جحر مرتين } ، ويجزمون : " يلدغ " فكان ذلك عندنا والله أعلم على ظاهره ، إنما هو على الأمر ، وقد ذهب إلى ذلك قوم جعلوا معناه ألا تثنى على مؤمن عقوبة في ذنب أتاه ، وذلك أن الجزم إذا وقع في هذا كان وجهه الأمر لا ما سواه ، ومن ذلك قول الله [ ص: 98 ] عز وجل : أبو جعفر كلا لا تطعه واسجد واقترب ، وقوله عز وجل : ولا تطع منهم آثما أو كفورا في أمثال لهذا في القرآن ، كثير ، وقد أبى ذلك قوم على قائليه وقالوا : أصل الحديث : لا يلدغ مؤمن من جحر مرتين بلفظ : " يلدغ " ، وجعلوا ذلك من الخبر كقول الله عز وجل : ولا تزر وازرة وزر أخرى وكقوله جل وعز : ولا يخاف عقباها ، وكقوله جل وعز : لا تسمع فيها لاغية ، كل ذلك على الخبر باستعمال الرفع فيه .
وقالوا محتجين على أهل المقالة الأولى : لو كان التأويل كما ذكرتم لما احتاج صلى الله عليه وسلم إلى القصد بذلك إلى المؤمن ؛ لأن الكافر لا تثنى عليه عقوبة ذنبه ، ولأن المنافق أيضا كذلك لا تثنى عليه عقوبة ذنبه ، وإنما قصد النبي صلى الله عليه وسلم بهذا القول إلى المؤمن ؛ لأنه يبين فيه بمعنى من المعاني سوى المنافق وسوى الكافر ؛ لأنه إذا كان منه الذنب أحزنه ذلك وخاف غبه ، فكان ذلك سببا لترك عوده فيه أبدا ، فقال : النبي صلى الله عليه وسلم لذلك : إن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين ، أي : لا يذنب ذنبا يخاف عقوبته ، ثم يعود فيه بعد ذلك ، وجعلوا معنى قوله : إن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين ، بمعنى قوله : إن المؤمن ليس يلدغ من جحر مرتين ، وكذلك هي فيما تلونا من الآي من كتاب الله في هذا المعنى ، إنما هي بمعنى ليس ، وهذا عندنا والله أعلم أشبه الوجهين بالمعنى في هذا الباب ، وقد سمعت يونس يقول بعد أن حدثنا هذا الحديث : قلت لابن وهب : ما تفسيره ؟ قال : الرجل يقع في الشيء يكرهه فلا يعود فيه ، فكان هذا مجملا من ابن وهب ، ومعناه على المعنى الذي [ ص: 99 ] ملنا إليه ، وهو إن لم يكن ذكره بإعرابه ، فقد ذهب إلى أن معناه المعنى الذي يوجب أن يكون إعرابه الرفع لا الجزم .
ومما يدل على ما ذكرنا أيضا أن الله عز وجل قد ذكر في كتابه التوبة التي أمر بها المؤمنين من عباده ، فقال : يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا .
فحدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، عن أبو عامر العقدي ، عن إسرائيل بن يونس - قال : سمعت سماك - وهو ابن حرب النعمان - وهو ابن حميد - يقول : سمعت رضي الله عنه يقول : عمر بن الخطاب ، [ ص: 100 ] فكان ذلك مما قد دلك على ما ذكرنا من تأويل الحديث الذي رويناه ، ومن ذلك ما قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في الندم أنه توبة . التوبة النصوح أن يجتنب الرجل العمل السوء كان يعمله يتوب إلى الله عز وجل منه ، ثم لا يعود فيه أبدا
1465 - كما قد حدثنا ، قال : حدثنا يونس ، عن سفيان بن عيينة ، قال : أخبرني عبد الكريم الجزري زياد بن أبي مريم ، عن ، قال : عبد الله بن معقل ، فقال له أبي : أأنت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : الندم توبة ؟ قال : نعم عبد الله بن مسعود دخلت مع أبي على } .
[ ص: 101 ] [ ص: 102 ]
[ ص: 103 ]
1466 - وكما حدثنا ، قال : وحدثناه يونس ، عن ابن وهب ، عن مالك ، عن عبد الكريم رجل ، عن أبيه ، عن ، عن النبي صلى الله عليه وسلم... ثم ذكر مثله . ابن مسعود
فكان الندم على ذلك مما يمنع من العود إلى مثله وفي ذلك دليل على ما ذكرنا ، وبالله التوفيق .