[ ص: 102 ] 426 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في المساقاة على النخل بجزء من أجزاء ثمرها ، وفي المعاملة على الأرض بجزء مما يخرج منها .
2673 - حدثنا محمد بن عمرو بن يونس ، قال : حدثنا ، عن عبد الله بن نمير الهمداني ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ابن عمر أهل خيبر بشطر ما يخرج من الزرع أن النبي صلى الله عليه وسلم عامل .
2674 - حدثنا ، قال : أنبأنا يونس ، قال : أخبرني ابن وهب ، عن أسامة بن زيد الليثي ، عن نافع رضي الله عنهما قال : ابن عمر خيبر سألت يهود [ ص: 103 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقرهم فيها على أن يعملوا على النصف مما خرج منها من الثمر والزرع ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أقركم فيها على ذلك ما شئنا ، فكانوا فيها كذلك على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر ، وطائفة من إمارة عمر ، فكان الثمر يقسم على السهمان من نصف خيبر ، ويأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الخمس . لما فتحت
2675 - وحدثنا ، قال : حدثنا أبو أمية محمد بن سابق ، وحدثنا ، قال : حدثنا ابن أبي داود أبو عون الزيادي ، قالا : حدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن طهمان ، عن أبو الزبير قال : جابر خيبر ، فأقرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 104 ] كما كانوا وجعلها بينه وبينهم ، فبعث ابن رواحة ، فخرصها عليهم أفاء الله عز وجل .
2676 - حدثنا ، قال : حدثنا الربيع المرادي ، قال : حدثنا أسد ، عن يحيى بن زكريا ، عن الحجاج ، عن الحكم أبي القاسم ، عن رضي الله عنهما قال : ابن عباس خيبر بالشطر ، ثم أرسل ابن رواحة فقاسمهم .
أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 105 ] قال : ففيما روينا من هذه الآثار إطلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم المساقاة في النخل بجزء من أجزاء ثمرها الذي يخرج منها والمعاملة في الأرض بجزء مما يخرج منها من الزرع الذي يزرعه فيها المعامل عليها . أبو جعفر
فقال قائل : كيف يجوز لكم أن تضيفوا هذا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المعاملة في الأرض كما ذكرتم ، وأنتم تروون عنه النهي عن المزارعة في الأرض ، والنهي عن المحاقلة ، وهي هذا بعينه ؟ .
2677 - وذكر ما قد حدثنا ، قال : حدثنا أبو أمية ، أبو نعيم ( ح ) وحدثنا والمعلى بن منصور صالح بن عبد الرحمن الأنصاري ، قال : حدثنا ، ثم اجتمعوا جميعا فقالوا : حدثنا سعيد بن منصور ، عن أبو الأحوص طارق بن عبد الرحمن ، عن ، عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه قال : رافع بن خديج نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المزابنة والمحاقلة ، وقال : إنما يزرع ثلاثة : رجل له أرض فهو يزرعها ، ورجل منح أخاه أرضا ، فهو يزرع ما منح منها ، ورجل اكترى بذهب أو بفضة .
[ ص: 106 ]
2678 - حدثنا ، قال : أنبأنا يونس ، قال : أخبرني ابن وهب ، عن جرير بن حازم ، عن يعلى بن حكيم ، عن سليمان بن يسار قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : رافع بن خديج من كانت له أرض فليزرعها أو يزرعها أخاه ولا يكترها بالثلث ، ولا بالربع ، ولا بطعام مسمى .
فكان جوابنا له في ذلك - بتوفيق الله عز وجل وعونه - : أن الذي رويناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في معاملته بخيبر في نخلها وفي أرضها قد كان [ ص: 107 ] في زمنه وفي زمن أبي بكر بعده ، وفيما شاء الله عز وجل من زمن عمر بعد أبي بكر ، وذلك يدل على بقاء حكم تلك المعاملة في الأرض ، وتلك المساقاة في الشجر وعلى أنه لم يلحقهما نهي ولا نسخ .
ثم التمسنا ما روي عنه صلى الله عليه وسلم فيما سوى خيبر لنقف على نهيه الذي روي عنه فيه وما كان سببه .
2679 - فوجدنا نصر بن مرزوق ، قد حدثانا قالا : حدثنا وابن أبي داود ، قال : حدثني أبو صالح عبد الله بن صالح ، قال : حدثنا الليث بن سعد ، عن عقيل قال : أخبرني ابن شهاب سالم بن عبد الله كان يكري أرضه حتى بلغه أن عبد الله بن عمر رافع بن خديج الأنصاري كان ينهى عن كراء الأرض ، فلقيه فقال : يا ، ماذا تحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في كراء الأرض ؟ فقال : سمعت ابن خديج عمي ، وكانا قد شهدا بدرا يحدثان أهل الدار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن كراء الأرض ، قال عبد الله : لقد كنت أعلم أن الأرض كانت تكرى على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم خشي عبد الله أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدث في ذلك شيئا لم يكن علمه ، فترك كراء الأرض .
أن [ ص: 108 ] ففي هذا عن أنه قد كان علم أن أرضا كانت تكرى على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال هذا القائل : فليس في هذا أنها كانت تكرى ببعض ما يخرج منها ، وقد يجوز أن يكون كانت تكرى بالدنانير أو بالدراهم . ابن عمر
فكان جوابنا له في ذلك - بتوفيق الله عز وجل وعونه : أن لم يرد بقوله هذا إلا إعلام ابن عمر رافع أنه قد كان علم أن أرضا كانت تكرى على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم على المعنى الذي يطلق ما روى له رافع مما يحظره ، وقد روي عنه أيضا ما يدل على أن معنى نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عن كراء الأرض بالثلث وبالربع لمعنى كانوا يدخلونه في ذلك مما يفسد المزارعة عليه .
2680 - كما قد حدثنا ، قال : حدثنا الربيع بن سليمان الأزدي الجيزي حسان بن غالب ، قال : حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن ، عن ، عن موسى بن عقبة ، نافع أخبر رافع بن خديج ، وهو متكئ على يدي أن عبد الله بن عمر عمومته جاؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم رجعوا فقالوا : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن كراء المزارع ، فقال : قد علمنا أنه كان صاحب مزرعة يكريها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن له ما في ربيع الساقي الذي تفجر فيه الماء ، وطائفة من التبن ما أدري ما هو ابن عمر أن .
[ ص: 109 ] ففي هذا ما قد دل أن المعاملة كانت على بعض ما يخرج من الأرض مما يدخله ما يفسدها من استئثار رب الأرض بطائفة من أرضه ، يكون له ما يخرج منها مما يزرعه فيها معاملة ، ويكون له مع ذلك طائفة من التبن الذي يكون من الحنطة الخارجة من الأرض ، وذلك يفسد المزارعة ، فكان النهي الذي كان من رسول الله عن المزارعة هو للفساد الذي دخلها ، لا أنها في نفسها إذا زال عنها ذلك الفساد فاسدة .
وقد روي مثل ذلك عن . سعد بن أبي وقاص
2681 - كما حدثنا أحمد بن أبي داود ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب . إبراهيم بن سعد
2682 - وكما حدثنا محمد بن الحارث بن صالح المخزومي ، [ ص: 110 ] قال : حدثنا ، قال : حدثنا أبو مصعب الزهري ، قال : حدثني إبراهيم بن سعد محمد بن عكرمة بن عبد الرحمن بن الحارث ، عن ابن لبيبة ، عن ، عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه قال : سعد بن أبي وقاص كان الناس يكرون المزارع بما يكون على الساقي ، وبما يسعد بالماء من ما حول البئر ، فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، وقال : أكروها بالذهب والورق .
[ ص: 111 ] وقد روي عن أن النهي عن المزارعة كان لهذا المعنى أيضا . جابر بن عبد الله
2683 - كما حدثنا ، قال : حدثنا يونس ، عن عبد الله بن نافع المدني ، عن هشام بن سعد ، عن أبي الزبير المكي رضي الله عنهما جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغه أن رجالا كانوا يكرون مزارعهم بنصف ما يخرج منها وبثلثه وبالماذيانات ، فقال في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم : من كانت له أرض فليزرعها ، فإن لم يزرعها فليمنحها أخاه ، فإن لم يفعل فليمسكها .
[ ص: 112 ]
2684 - وكما حدثنا ، قال : أنبأنا يونس ، قال : أخبرني ابن وهب أن هشام بن سعد حدثه ، قال : سمعت أبا الزبير المكي يقول : جابر بن عبد الله كنا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم نأخذ الأرض بالثلث أو الربع بالماذيانات ، فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك .
2685 - وكما حدثنا سليمان بن شعيب ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن زياد ، قال : حدثنا ، عن زهير بن معاوية ، عن أبي الزبير قال : جابر كنا نخابر على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فنصيب من كذا ، فقال : من كانت له أرض فليزرعها أو ليحرثها أخاه ، وإن لا فليدعها .
وقد روي عن رافع بن خديج مثل ذلك أيضا .
[ ص: 113 ]
2686 - كما حدثنا روح بن الفرج ، قال : حدثنا حامد بن يحيى ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، قال : أنبأنا يحيى بن سعيد الأنصاري حنظلة بن قيس الزرقي أنه سمع يقول : رافع بن خديج أهل المدينة حقلا ، وكنا نقول للذي نخابره : لك هذه القطعة ولنا هذه القطعة تزرعها لنا فربما أخرجت هذه القطعة ، ولم تخرج هذه شيئا ، وربما أخرجت هذه ولم تخرج هذه شيئا ، فنهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك كنا أكثر .
2687 - وكما حدثنا ، قال : أنبأنا أحمد بن شعيب ، عن يحيى بن حبيب بن عربي ، عن حماد بن زيد ، عن يحيى حنظلة بن قيس ، عن رضي الله عنه قال : رافع بن خديج نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كراء أرضنا ولم يكن يومئذ ذهب ولا فضة ، وكان الرجل يكري أرضه بما على الربيع ، والأقبال ، وأشياء معلومة ، وساق الحديث .
[ ص: 114 ]
2688 - وكما حدثنا ، قال : أنبأنا أحمد بن شعيب ، قال : أنبأنا محمد بن عبد الله بن المبارك ، قال : حدثنا حجين بن المثنى ، عن الليث ، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن حنظلة بن قيس ، عن عنه قال : حدثني رافع بن خديج رضي الله عم لي : أنهم كانوا يكرون الأرض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بما ينبت على الأربعاء وشيء من الزرع يستثنيه صاحب الأرض ، فنهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك .
2689 - وكما حدثنا ، قال : حدثنا أحمد المغيرة بن عبد الرحمن الرقي ، قال : حدثنا قال : حدثنا عيسى - وهو ابن يونس - ، عن الأوزاعي ، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن حنظلة بن قيس الأنصاري ، قال : ، عن كراء الأرض بالذهب أو الورق ، فقال : [ ص: 115 ] لا بأس بذلك إنما كان الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤاجرون بما على الماذيانات وأقبال الجداويل ، فيسلم هذا ويهلك هذا أو يهلك هذا ويسلم هذا ، ولم يكن للناس كراء إلا هذا ، فلذلك زجر عنه ، فأما شيء معلوم مضمون ، فلا بأس رافع بن خديج سألت .
فكان فيما روينا ما قد دل على نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إياهم عن المزارعة على جزء مما تخرج الأرض لهذا الفساد الذي كانوا يدخلونه فيها ، لا لما سوى ذلك مما يخالف ما كان منه في دفعه أرض خيبر إلى اليهود بنصف ما يخرج منها .
وقد روي عن أن الذي كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها لم يكن للنهي عنها ، ولا لتحريمها ، وأنه كان لغير ذلك . زيد بن ثابت
2690 - وكما حدثنا علي بن شيبة ، قال : أنبأنا ، قال : حدثنا يحيى بن يحيى ، عن بشر بن المفضل عبد الرحمن بن إسحاق ، عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار ، عن الوليد بن أبي الوليد ، عن ، عن عروة بن الزبير أنه قال : زيد بن ثابت لرافع ، أنا والله كنت أعلم [ ص: 116 ] بالحديث منه ، إنما أتى رجلان من الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اقتتلا ، فقال : إن كان هذا شأنكم ، فلا تكروا المزارع ، فسمع لا تكروا المزارع يغفر الله ، وقد روي عن في ذلك أيضا . ابن عباس
2691 - ما قد حدثنا ، قال : حدثنا بكار بن قتيبة ( ح ) وما قد حدثنا إبراهيم بن بشار ، قال : حدثنا الربيع المرادي قالا : حدثنا أسد ، عن سفيان ( ح ) وما قد حدثنا عمرو بن دينار أيضا ، قال : حدثنا الربيع ، قال : حدثنا أسد ، حماد بن سلمة ، عن وحماد بن زيد ، ثم اجتمعوا ، فقالوا : [ ص: 117 ] عن عمرو قال : طاوس - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينه عنها ، إنما قال : لأن يمنح أحدكم أخاه خير له من أن يأخذ عليها خراجا معلوما ابن عباس قلت له : لو تركت المخابرة ، فإنهم يزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنها ، فقال : أخبرني أعلمهم - يعني : .
قال : ولما وقفنا على هذه المعاني تبين لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينه عن مثل ما كان منه في أبو جعفر خيبر من المعاملة على أرضها بنصف ما يخرج منها على النسخ لذلك ، ولكنه لمعنى كان مما يفسد المعاملة ، فكان نهيه لذلك ، وكان ما عمله في خيبر على حكمه لم ينسخه شيء .
فقال قائل : أما المساقاة في النخل بجزء من ثمرها ، فإنا لا [ ص: 118 ] نخالفك في ذلك ، وأما المزارعة في الأرض فإنا نخالفك في ذلك ، ونذهب إلى أنها المحاقلة التي نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم .
2692 - وذكر في ذلك ما قد حدثنا ، قال : حدثنا بكار ، قال : حدثنا حسين بن حفص الأصبهاني ، قال : حدثنا سفيان ، قال : حدثني سعد بن إبراهيم ، عن عمر بن أبي سلمة ، عن أبي سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي هريرة نهى عن المحاقلة والمزابنة والمخابرة .
2693 - وما قد حدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، عن أبو داود سليم بن حيان ، عن ، عن سعيد بن ميناء ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله . جابر
قال هذا القائل : والمحاقلة هي كراء الأرض ببعض ما يخرج منها .
[ ص: 119 ] فكان جوابنا له في ذلك - بتوفيق الله عز وجل وعونه - : أن المحاقلة لم نوافق على أن تأويلها على ما تأولها عليه ؛ لأنه روي في تأويلها غير ما تأولها عليه .
2694 - كما حدثنا ، قال : حدثنا يزيد بن سنان ، قال : حدثنا ابن أبي مريم ، قال : أخبرني محمد بن مسلم الطائفي ، قال : أخبرني إبراهيم بن ميسرة ، عن عمرو بن دينار رضي الله عنهما قال : جابر بن عبد الله نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المخابرة ، والمزابنة ، والمحاقلة .
والمخابرة على الثلث والربع والنصف من بياض الأرض .
والمزابنة بيع الرطب في رؤوس النخل بالتمر ، وبيع العنب في الشجر بالزبيب .
والمحاقلة بيع الزرع قائما على أصوله بالطعام .
[ ص: 120 ]
2695 - وكما حدثنا الحسن بن غليب ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا يوسف بن عدي ، عن عبد الرحيم بن سليمان ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال : أبي سعيد الخدري نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المحاقلة في الزرع والمزابنة في التمر ، قال : والمحاقلة : الرجل يأتي الزرع وهو في كدسه ، فيقول : أشتري منك هذا الكدس بكذا وكذا ، يعني : من الحنطة ، والمزابنة : أن يأتي التمر في رؤوس النخل ، فيقول : آخذ منك هذا بكذا وكذا من التمر ، [ ص: 121 ] فبين لنا بهذا الحديث المحاقلة ما هي ، وأنها خلاف كراء الأرض ببعض ما يخرج منها من الأجزاء المعلومة .
وأما المخابرة المذكور نهيه عنها في هذا الحديث ، وأنها على الثلث والربع من بياض الأرض ، فذلك على ما قد بينه أبو الزبير عنه ، يضيفونه إليها مما يفسدها .
وقال قائل آخر : أجيز المعاملة على الأرض التي بين النخل التي لا يوصل إلى الانتفاع بها إلا مع العمل في النخل ، ولا أجيز المعاملة عليها وحدها .
فكان جوابنا له في ذلك - بتوفيق الله عز وجل وعونه - : أن أحد من روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم معاملته اليهود في نخل ابن عمر خيبر وأرضها ، وقد روي عنه في المعاملة على الأرض دون النخل أنه جائز .
كما حدثنا محمد بن عمرو بن يونس قال : حدثني ، عن أسباط بن محمد كليب بن وائل قال : : آتي رجلا له أرض وماء ، وليس له بذر ، ولا بقر ، أحرث أرضه بالنصف فزرعتها ببذري وبقري فناصفته ؟ فقال : حسن لابن عمر . قلت
[ ص: 122 ] فهذا قد أجاز المعاملة على الأرض وحدها بنصف ما يخرج ، كما عامل النبي صلى الله عليه وسلم ابن عمر أهل خيبر على نخل خيبر وعلى أرضها بجزء مما يخرج منهما ، وقد عمل بذلك غير واحد من أصحابه بعده .
كما حدثنا موسى بن الحسن السقلي ، قال : حدثنا ، قال : أنبأنا محمد بن كثير ، قال : أنبأنا سفيان الحارث بن حصيرة ، عن صخر بن الوليد ، عن عمرو بن صليع ، قال : ، فقال : إن فلانا عمد إلى أرض فزرعها ، فدعا علي بن أبي طالب علي بالرجل ، فقال : أخذتها بالنصف من صاحبها أكريها وأعالجها ، وما خرج من شيء فله النصف ولي النصف ، فلم ير به بأسا . جاء رجل إلى
[ ص: 123 ] قال : وهذا الحديث فحسن الإسناد ، ذكر أبو جعفر البخاري أن عمرو بن صليع بصري من محارب بن خصفة ، وأن له صحبة ، روى عنه صخر بن الوليد ، وذكر أن الحارث بن حصيرة أزدي ، وإن كنا لا نحتاج إلى ذلك فيه لشهرته وقبول الناس روايته ، غير أنه أوردناه لذكره قبيلته .
وكما حدثنا فهد ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا أبو نعيم إسماعيل بن إبراهيم بن المهاجر قال : سمعت أبي يذكر عن قال : موسى بن طلحة رضي الله عنه نفرا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عثمان ، عبد الله بن مسعود والزبير بن العوام ، وسعد بن مالك ، وأسامة ، وكان جاراي منهم : سعد ، وابن مسعود يدفعان أرضهما بالثلث والربع . أقطع
[ ص: 124 ]
وكما حدثنا فهد ، قال : حدثنا محمد بن سعيد ، قال : أنبأنا ، عن شريك إبراهيم بن مهاجر قال : ، عن المزارعة ، فقال : أقطع موسى بن طلحة رضي الله عنه عثمان عبد الله أرضا ، وأقطع سعدا أرضا ، وأقطع خبابا أرضا ، وأقطع صهيبا أرضا ، فكلا جاري كانا يزارعان بالثلث والربع . سألت
وكما حدثنا ، قال : حدثنا يوسف بن يزيد ، قال : حدثنا علي بن معبد ، عن عبيد الله بن عمرو ، عن زيد بن أبي أنيسة إبراهيم بن مهاجر ، عن بنحوه ، وزاد : موسى بن طلحة وخباب [ ص: 125 ] وفي ذلك ما هو أعلى من هذا ، وهو ما كانوا عليه باليمن لما قدم عليهم عاملا عليها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم . معاذ بن جبل
كما حدثنا ، قال : حدثنا بكار ، قال : حدثنا إبراهيم بن بشار ، عن سفيان ، عن عمرو طاوس قدم معاذا اليمن وهم يخابرون ، فأقرهم على ذلك . أن
وكما حدثنا علي بن شيبة ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا يحيى بن يحيى ، عن حماد بن زيد ، عن عمرو أن طاوس لما قدم معاذا اليمن كان يكري الأرض ، أو المزارع على الثلث أو الربع ، أو قال : قدم وهم يفعلونه ، فأمضى ذلك .
قال : والتابعون فمختلفون في ذلك كاختلاف من بعدهم فيه ، فأما من أجاز مزارعة الأرض ببعض ما يخرج مع المساقاة في النخل ببعض ما يخرج ، فإنه يلزمه أن يجيز كل واحدة منهما على الانفراد ، كما يجيزها مع صاحبتها ؛ لأن المعاملة قد وقعت في كل [ ص: 126 ] واحدة منهما ، فلكل واحدة منهما حكمها ، وإذا كان حكمها مع صاحبتها الجواز كان حكمها على الانفراد كذلك أيضا . أبو جعفر
فأما من أجاز ذلك من فقهاء الأمصار ، فأبو يوسف ، ومحمد بن الحسن .
وأما مالك فكان مذهبه إجازة المساقاة التي ذكرنا ، وإبطال المزارعة التي وصفنا .
فأما أبو حنيفة وزفر ، فكان مذهبهما إبطالهما جميعا .
وأما فكان يجيزهما إذا اجتمعتا في أرض واحدة ذات نخل ، ويجيز المساقاة في النخل بلا أرض ، ولا يجيز المعاملة في الأرض بجزء ما يخرج منها ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم هو القدوة وقد كان منه في خيبر المعاملة في الأرض ، والمساقاة في النخل جميعا ، ولم يبين لنا أن المحاقلة التي نهى عنها من ذلك الجنس ، إذ كان الشافعي ، وهو ممن روي ذلك النهي عنه قد قال لنا : إنها بيع الزرع القائم على أصوله بالطعام ، والله عز وجل نسأله التوفيق . جابر بن عبد الله