[ ص: 317 ] 267 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما كان من أصحابه رضوان الله عليهم عندما يتلى عليهم : آمن الرسول بما أنـزل إليه من ربه ... إلى آخر سورة البقرة ، وما كان من الله مما أنزله على رسوله صلى الله عليه وسلم لذلك جوابا لهم .
حدثنا ، قال : حدثنا أبو أمية محمد بن الصلت الأسدي ، قال : حدثنا أبو كدينة ، عن ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، قال : ابن عباس آمن الرسول بما أنـزل إليه من ربه ، إلى قوله عز وجل : لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا .
قالوا مثل ذلك ، قال الله : قد فعلت ، ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا . قالوا مثل ذلك ، قال : قد فعلت ، ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به ، قال الله : قد فعلت ، واعف عنا ، الآية . قالوا مثل ذلك ، قال الله : قد فعلت لما نزلت هذه الآية : .
[ ص: 318 ]
1630 - حدثنا محمد بن عبد الرحيم الهروي ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا آدم بن أبي إياس ، عن ورقاء ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، قال : ابن عباس آمن الرسول بما أنـزل إليه من ربه . قرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما ، قال : غفرانك ربنا . قال الله: قد غفرت لكم . فلما قال : ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا . قال الله عز وجل : لا أؤاخذكم . فلما قال : ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا . قال الله عز وجل : لا أحمل عليكم . قال : فلما قال عز وجل : ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به . قال الله : لا أحملكم . فلما ، قال : واعف عنا . قال الله : قد عفوت عنكم . فلما قال : واغفر لنا . قال : قد غفرت لكم . فلما قال : وارحمنا . قال : قد رحمتكم .
فلما قال : فانصرنا على القوم الكافرين ، قال : قد نصرتكم { لما نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم : .
قال : فسأل سائل عن المراد بقوله : أبو جعفر ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا [ ص: 319 ] وقال : النسيان ليس مما يملكونه من أنفسهم ، فكيف يسألون أن لا يؤاخذوا به ؟
فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه ، أن النسيان الذي لا يملكونه من أنفسهم هو النسيان من الأشياء التي هي أضداد للذكر لها ، فذلك مما لا يؤاخذون به ، ومما لا يجوز منهم سؤالهم ربهم أن لا يؤاخذهم به .
وأما النسيان المذكور في هذه الآية ، فإنما هو الترك على العمد بذلك ، كقوله عز وجل : نسوا الله فنسيهم ، في معنى : تركوا الله فتركهم .
قال : فما المراد بقوله عز وجل حكاية : أو أخطأنا ، والخطأ فهم غير مأخوذين به .
كما قال : وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم .
فكان جوابنا له في ذلك ، بتوفيق الله وعونه ، أن الخطأ الذي في الآية التي تلاها علينا الذي لا جناح فيه ، هو ضد ما يتعمدونه .
كما قال عز وجل : ولكن ما تعمدت قلوبكم .
والخطأ الذي في الآية التي تلوناها نحن عليه ، هو الخطأ الذي يفعله من يفعله على أنه به مخطئ في اختياره له ، وفي قصده إليه ، وفي عمله به ، ومنه قيل : خطئت في كذا - مهموز - أي : عملت كذا خطيئة ، فذلك مما عامله مأخوذ به معاقب عليه ، أو معفو له عنه ، إن كان مما يجوز أن يعفى له عن مثله ، فبان بحمد الله أنهم رضوان الله عليهم سألوا ربهم عز وجل في موضع سؤال ، وأنه عز وجل غفر لهم في شيئين قد كان له عز وجل أخذهم بها وعقوبتهم عليها - وهو المحمود على فضله في ذلك عليهم ، ورحمته لهم ، وإياه نسأله التوفيق .