قال : قد ذكرنا في حديث أبو جعفر عبد الرحمن بن حرملة ، عن ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : العشرة الأشياء التي كان يكرهها ، وفيها : الصفرة ، وهي من تغيير الشيب ، وقد ذكرنا في تغيير الشيب بالخضاب بالحناء والكتم ما قد ذكرناه في الباب الذي قبل هذا الباب ، وفي ذلك ما قد دل على أن كراهة رسول الله صلى الله عليه وسلم للصفرة ، إنما كان لأن أهل الكتاب كانوا لا يفعلون ذلك ، فكان في ذلك على مثل ما كانوا عليه ، ثم أمر بخلافهم ، فخضب بالصفرة أيضا ، كذلك كان يكرهها كما كان أهل الكتاب يكرهونها حتى أمر بخلافهم ، فخضب بالصفرة ، فروي عنه صلى الله عليه وسلم فيها . ابن مسعود
3693 - ما قد حدثنا ، قال : أخبرنا يونس ، أن ابن وهب أخبره ، عن مالكا ، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عبيد بن جريج ، : يا لعبد الله بن عمر أبا عبد الرحمن ، رأيتك تصبغ بالصفرة ، فقال : إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبغ بها ، فأنا [ ص: 311 ] أحب أن أصبغ بها أنه قال .
3694 - وما قد حدثنا ، قال : أخبرني أحمد بن شعيب عبدة بن عبد الرحيم ، قال : حدثنا عمرو بن محمد ، قال : أخبرنا ، عن ابن أبي رواد ، عن نافع ، قال : ابن عمر يفعل ذلك ابن عمر كان النبي صلى الله عليه وسلم يلبس النعال السبتية ، ويصفر لحيته بالورس والزعفران ، وكان .
3695 - وما حدثنا ، قال : أخبرنا أحمد ، قال : [ ص: 312 ] حدثنا يحيى بن حكيم ، قال : حدثنا أبو قتيبة عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار ، عن ، عن زيد بن أسلم عبيد بن جريج ، قال : يصفر لحيته ، فقيل له في ذلك ، فقال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصفر لحيته ابن عمر رأيت .
قال : ففي هذا أيضا استعمال رسول الله صلى الله عليه وسلم الصفرة ، وقد روي عنه أيضا صلى الله عليه وسلم في استحسانه إياها ، وتفضيله إياها على غيرها . أبو جعفر
3696 - وما قد حدثنا ، قال : حدثنا الربيع بن سليمان المرادي ، قال : حدثنا أسد بن موسى ، عن محمد بن طلحة حميد بن وهب القرشي ، عن ، عن أبيهما ابني طاوس ، عن طاوس ، قال : ابن عباس طاوس يخضب بالصفرة مر على النبي صلى الله عليه وسلم رجل قد خضب لحيته بالحناء ، فقال : ما أحسن هذا ! ثم مر عليه رجل بعده قد خضب بالحناء والكتم ، فقال : هذا أحسن من هذا الأول ، ومر عليه رجل قد خضب بصفرة ، فقال : هذا أحسن من هذا كله ، وكان .
[ ص: 313 ]
3697 - وما قد حدثنا ، قال : حدثنا ابن أبي داود ، قال : حدثنا علي بن عياش الحمصي ، قال : حدثني محمد بن طلحة وهب بن حميد ، هكذا قال ، ثم ذكر مثله بإسناده ، غير أنه لم يذكر : وكان طاوس يخضب ، وغير أنه قال مكان ما في حديث الربيع عن ابني طاوس ، قال : حدثني بنو طاوس ، عن أبيهم .
3698 - وما قد حدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، عن عفان بن مسلم ، ثم ذكر بإسناده مثله ، غير أنه لم يذكر فيه : وكان محمد بن طلحة طاوس يخضب .
ففي هذا الحديث تقديم الصفرة على ما سواها من الأشياء التي يغير بها الشيب ، وكل الأشياء التي يغير بها الشيب من حمرة ومن صفرة فقد جاءت الآثار بإباحتها ، وأما تغييره بالسواد فقد ذكرنا في قصة أبي قحافة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم إياهم أن يجنبوه السواد .
فنظرنا في السبب الذي من أجله كره السواد .
3699 - فوجدنا قد حدثنا ، قال : حدثنا يونس ، عن [ ص: 314 ] علي بن معبد ، عن عبيد الله بن عمرو ، عن عبد الكريم الجزري ، عن سعيد بن جبير رفعه ، قال : ابن عباس يكون قوم في آخر الزمان يخضبون بالسواد كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنة .
فعقلنا بذلك أن الكراهة إنما كانت لذلك ، لأنه أفعال قوم مذمومين ، لا لأنه في نفسه حرام .
وقد خضب من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسواد .
منهم : . عقبة بن عامر
كما حدثنا ، قال : أخبرني يونس يوسف بن عمرو بن يزيد ، عن ، عن ابن لهيعة أبي عشانة ، قال : يخضب بالسواد ، ويقول : عقبة بن عامر
نسود أعلاها وتأبى أصولها ولا خير في الأعلى إذا فسد الأصل
وكما حدثنا كان ، قال : حدثنا ابن أبي داود ، قال : [ ص: 315 ] قلت عبد الله بن يوسف لابن لهيعة : أحدثكم أبو عشانة . ثم ذكر هذا الحديث ؟ فقال : لم أسمعه من أبي عشانة ، ولكن حدثنيه ، عن الليث بن سعد أبي عشانة .قال : قال لنا أبو جعفر : لم يسمع ابن أبي داود من الليث بن سعد أبي عشانة غير هذا الحديث ، ولم يسمع من ابن لهيعة الليث غير هذا الحديث .
وقد روي عن الحسين بن علي رضي الله عنه أيضا أنه كان يخضب بالسواد .
كما حدثنا ، قال : حدثنا يوسف بن يزيد عبد الرحمن بن شيبة الجدي ، قال : حدثنا ، عن شريك إبراهيم بن المهاجر ، عن ، قال : الشعبي رضي الله عنه وعليه جبة خز ، وهو يحتجم في رمضان ، وقد اختضب بالسواد الحسين بن علي . دخلت على
وكما حدثنا ، قال : أخبرنا إسماعيل بن إسحاق الكوفي ، قال : حدثنا جعفر بن [ ص: 316 ] عون ، قال : حدثنا يونس بن أبي إسحاق العيزار بن حريث ، قال : رضي الله عنه مطرفا من خز ، وقد خضب لحيته ورأسه بالحناء والكتم الحسين بن علي . رأيت على
ففي هذا الحديث ما قد دل على أن نفس الخضاب بالسواد إنما كره خوفا مما قد ذكرناه من التشبه بالمذمومين ، لا لأنه في نفسه حرام ، والله عز وجل نسأله التوفيق .