[ ص: 173 ] 31 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله عليه السلام من قوله : بئس مطية الرجل زعموا
185 - حدثنا ، حدثنا محمد بن عبد الله بن ميمون البغدادي أبو بكر ، عن الوليد بن مسلم ، عن الأوزاعي ، حدثني يحيى بن أبي كثير ، حدثني أبو قلابة قال : قال النبي عليه السلام : أبو عبد الله بئس مطية الرجل زعموا .
186 - حدثنا ، حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، عن [ ص: 174 ] أبو عاصم ، عن الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير قال : قال أبي قلابة أبو مسعود لأبي عبد الله ، أو قال أبو عبد الله لأبي مسعود : أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في زعموا : { بئس مطية الرجل } .
قال : فتأملنا ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في وصفه زعموا بما وصفها به ، وذكره إياها أنها بئس مطية الرجل ، فوجدنا زعموا لم تجئ في القرآن إلا في الإخبار عن المذمومين [ ص: 175 ] بأشياء مذمومة كانت منهم . فمن ذلك قول الله تعالى : أبو جعفر زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا ، ثم أتبع ذلك بقوله تعالى : قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم .
ومن ذلك قوله تعالى : قل ادعوا الذين زعمتم من دونه ، ثم أتبع ذلك بإخباره بعجزهم أن دعوهم بذلك بقوله : فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا .
ومن ذلك قوله تعالى : وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء ، ثم رد عليهم بقوله : لقد تقطع بينكم الآية .
ومن ذلك قوله : وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا فقالوا هذا لله بزعمهم .
ومن ذلك قوله تعالى : وقالوا هذه أنعام وحرث حجر لا يطعمها إلا من نشاء بزعمهم .
ومن ذلك قوله : أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون .
ومن ذلك قوله : ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنـزل إليك وما أنـزل من قبلك الآية .
وكل هذه الأشياء فإخبار عن الله تعالى بها ، عن قوم مذمومين في أحوال لهم مذمومة ، وبأقوال كانت منهم كانوا فيها كاذبين مفترين على الله تعالى ، فكان مكروها لأحد من الناس لزوم أخلاق المذمومين في أخلاقهم الكافرين في أديانهم الكاذبين في أقوالهم .
[ ص: 176 ] وكان الأولى بأهل الإيمان لزوم أخلاق المؤمنين الذين سبقوهم بالإيمان ، وما كانوا عليه من المذاهب المحمودة ، والأقوال الصادقة التي حمدهم الله تعالى عليها رضوان الله عليهم ورحمته ، وبالله التوفيق .