[ ص: 26 ] 289 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله رضي الله عنها لما أشار إلى القمر : " استعيذي بالله من شر هذا ؛ فإنه الغاسق إذا وقب " . لعائشة
1771 - حدثنا ، قال : أخبرنا يونس ، قال : أخبرني ابن وهب ، عن ابن أبي ذئب الحارث بن عبد الرحمن ، عن ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : عائشة استعيذي بالله من شر هذا هل تدرين ما هذا ؟ هذا الغاسق إذا وقب عائشة إن هذا القمر يا .
[ ص: 27 ]
1772 - حدثنا ، الربيع بن سليمان الأزدي وسليمان بن شعيب الكيساني ، قالا : حدثنا ، قال : حدثنا أسد بن موسى … ثم ذكر بإسناده مثله . ابن أبي ذئب
1773 - وحدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، عن أبو عامر العقدي ، عن ابن أبي ذئب الحارث بن عبد الرحمن والمنذر عن ، عن أبي سلمة رضي الله عنها ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمعناه . عائشة
1774 - حدثنا ابن أبي مريم ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا الفريابي ، عن سفيان عن [ ص: 28 ] محمد بن عبد الرحمن - يعني : ابن أبي ذئب - الحارث ، عن ، عن أبي سلمة رضي الله عنها ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله . عائشة
قال : ولا نعلم لهذا الحديث مخرجا غير مخرجه هذا ، ولا نعلم أحدا ممن رواه عن أبو جعفر ذكر في إسناده ابن أبي ذئب المنذر مع الحارث غير أبي عامر العقدي ، والمنذر هذا هو المنذر بن أبي المنذر ، ولا نعلم أن أحدا حدث عنه غير . ابن أبي ذئب
قال : فتأملنا هذا الحديث لنقف على المراد به إن شاء الله تعالى ؛ إذ كان بعض الناس قد استعظمه ، وقال : أي شر في القمر ، وهو خلق لله مطيع له ، وذكر قول الله عز وجل : أبو جعفر ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر ، إلى قوله : وكثير من الناس ، فأخبر عز وجل [ ص: 29 ] بالمطيعين من خلقه ، ثم قال وكثير حق عليه العذاب أي : المخالفين عليه من خلقه ، فأي شر في القمر - وهو كما ذكرنا - حتى يستعاذ منه ؟
فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه أن القمر خلق لله مطيع له كما ذكر ، وأنه لا شر له ، وأن المراد بما في هذا الحديث غير الذي توهمه فيه ، وهو أن الله جعل الليل والنهار آيتين فبين لنا ذلك بقوله : وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة ، وكانت آية الليل هي القمر ، وآية النهار هي الشمس ، وكان القمر للمحو الذي محاه الله فيه يكون عند الظلمة التي ليست مع النهار ، وكان أهل المعاصي الذين لا يستطيعون إظهارها من أنفسهم في النهار لما يخافون من إقامة عقوباتها عليهم يظهرونها من أنفسهم في الليل لما يأمنون عليها فيه ، وكان لله عز وجل خلق - وهم الشياطين - ينبثون في الليل ولا ينبثون في النهار ، كما قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك .
1775 - كما حدثنا ، يزيد بن سنان جميعا قالا : حدثنا وإبراهيم بن مرزوق ، قال : أخبرنا أبو عاصم ، عن ابن جريج . عطاء
عن رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : جابر بن عبد الله إذا جنح الليل فكفوا صبيانكم حتى تذهب ساعة من الليل ، ثم خلوا سبيلهم ؛ فإن الشياطين تنتشر حينئذ ، وأغلقوا أبوابكم ، واذكروا اسم الله عز وجل ؛ فإن الشياطين لا تفتح مغلقا ، وأوكوا قربكم ، واذكروا اسم الله عز وجل ، وخمروا آنيتكم ، واذكروا اسم الله عز وجل ، ولو أن [ ص: 30 ] تعرضوا عليه بعود .
قال : وأخبرني عن عمرو بنحو من هذا ، ولم يذكر : "اذكروا اسم الله عز وجل" . جابر
1776 - وكما حدثنا قال : حدثني يونس شعيب بن الليث عن . أبيه
وكما حدثنا ، الربيع بن سليمان المرادي : قال ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم الربيع : حدثنا شعيب بن الليث ، قال : حدثنا ، وقال الليث : أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أبي وشعيب ، عن ، ثم اجتمعوا جميعا فقالوا : عن الليث عن أبي الزبير ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : جابر بن عبد الله غطوا الإناء ، وأوكو السقاء ، وأغلقوا الباب ، وأطفئوا المصباح ، فإن الشيطان لا يحل سقاء ، ولا يفتح بابا ولا يكشف إناء ، فإن لم يجد أحدكم إلا أن يعرض على إنائه عودا ويذكر اسم الله عليه فليفعل ، فإن الفويسقة تضرم على أهل البيت بيتهم .
1777 - وكما حدثنا ، قال : حدثنا يزيد ، قال : قرأت على [ ص: 31 ] القعنبي ، عن مالك . أبي الزبير
عن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : جابر أغلقوا الباب ، وأوكوا السقاء ، وأكفئوا الإناء ، أو خمروا الإناء ، وأطفئوا المصباح ؛ فإن الشيطان لا يفتح غلقا ولا يحل وكاء ، ولا يكشف إناء ، وإن الفويسقة تضرم على الناس بيتهم أو بيوتهم .
فكان ما ذكرنا من بني آدم ومن الشياطين يكون في الليل في الظلمة التي تكون من المحو الذي في القمر مما لا يكون مثله في الضياء الذي في النهار ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها بالاستعاذة من شر القمر الذي هو سبب الليل ، مريدا بذلك الأشياء التي تكون في الليل مما القمر سبب لها ، ولم يرد بذلك نفس القمر ، وكان ذلك منه صلى الله عليه وسلم كمثل قول الله عز وجل عائشة واسأل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها لا يريد بذلك القرية نفسها ، ولا العير نفسه ، وإنما يريد به أهل القرية وأهل العير ، فمثل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في القمر " استعيذي بالله عز وجل من شر هذا " ليس يريد القمر نفسه ، ولكن يريد به ما يكون في الظلمة التي القمر سببها - للمحو الذي فيه من بني آدم - ومن الشياطين الذين هم أعداء لعائشة ولمن سواها من بني آدم . لعائشة
ومثل ذلك ما قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
[ ص: 32 ]
1778 - كما قد حدثنا ، قال : حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح محمد بن عبد العزيز الواسطي ، قال : حدثنا ، عن حفص بن ميسرة ، عن موسى بن عقبة عطاء بن أبي مروان ، عن أبيه .
عن ، قال : كعب لموسى صلى الله عليه وسلم - لسمعت يقول : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى قرية يريد نزولها قال : " اللهم رب السماوات السبع وما أظللن ورب الرياح وما ذرين ورب الأرضين وما أقللن ورب الشياطين وما أضللن أسألك من خير هذه القرية ومن خير أهلها وأعوذ بك من شرها وشر أهلها وشر ما فيها صهيبا أشهد - والذي فلق البحر .
قال : والقرية نفسها لا خير لها ولا شر لها ، وإنما يأتي الخير والشر من غيرها فأضافهم النبي صلى الله عليه وسلم إليها لكونهم فيها ، وهكذا كلام العرب فمثل ذلك ما أضافه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى القمر مما ذكرته أبو جعفر هو من هذا المعنى ، والله نسأله التوفيق . عائشة