[ ص: 311 ] 125 - باب بيان مشكل ما روي عنه عليه السلام من قوله : { سباب المسلم فسوق وقتاله كفر }
844 - حدثنا ، حدثنا ابن معبد ، حدثنا معلى بن منصور ، عن ابن أبي زائدة ، عن أبيه ، عن أبي إسحاق ، عن محمد بن سعد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أبيه سباب المسلم فسوق وقتاله كفر } .
845 - حدثنا ، حدثنا علي بن الحسين أبو عبيد أخبرنا الحسن بن أبي الربيع ، حدثنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن أبي إسحاق قال : [ ص: 312 ] ، حدثنا عمر بن سعد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ... ثم ذكر مثله ، فاختلف سعد بن أبي وقاص زكريا بن أبي زائدة ومعمر بن راشد على أبي إسحاق في ابن سعد الذي بينه وبين سعد من هذا الحديث ، فذكر زكريا أنه محمد وذكر معمر أنه عمر ، والله أعلم بحقيقة ذلك منهما من هو .
846 - حدثنا ، حدثنا يزيد بن سنان ، حدثنا سليمان بن حرب ، عن شعبة قال : سمعت منصور ، أبا وائل عن وشعبة قال : سمعت الأعمش ، أبا وائل عن وشعبة قال : سمعت زبيد ، عن أبا وائل قال : قال رسول الله عليه السلام : { عبد الله سباب المسلم فسوق وقتاله كفر } .
[ ص: 313 ]
847 - حدثنا ، حدثنا يزيد بن سنان ، حدثنا مؤمل بن إسماعيل ، حدثنا سفيان ، عن زبيد قال : قال أبي وائل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ... ثم ذكر مثله . عبد الله
848 - حدثنا علي بن شيبة ، حدثنا ، حدثنا عبيد الله بن موسى العبسي ، عن سفيان ، عن زبيد ، عن أبي وائل ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ... ثم ذكر مثله قال : قلت عبد الله لأبي وائل : أسمعت من عبد الله ؟ فقال : نعم .
849 - حدثنا جعفر بن محمد الفريابي ، حدثني أبو عبد الله هريم بن مسعر الأزدي الترمذي ، أخبرنا الفضيل بن عياض ، عن ومنصور ، عن أبي وائل قال : عبد الله ... ثم ذكر مثله . سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع يقول
[ ص: 314 ]
850 - وحدثنا ، حدثنا ابن مرزوق ، حدثنا أبو الوليد الطيالسي ، عن أبو عوانة ، عن عبد الملك بن عمير عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود ، عن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ... ثم ذكر مثله . أبيه
فتأملنا هذا الحديث فوجدنا قوله : سباب المسلم فسوق مكشوف المعنى ، والفسوق المراد فيه هو الخروج عن الأمر المحمود إلى الأمر المذموم ، ومثله قول الله تعالى في إبليس : ففسق عن أمر ربه أي فخرج عن أمر ربه ، ومنه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الفأرة وفيما ذكره معها مما أباح قتله في الحرم والإحرام : { خمس فواسق يقتلن في الحرم والإحرام } فكان ذلك الفسوق الذي كان منهن هو خروجهن إلى الأذى الذي يؤذين به الناس ، وكان قوله : " وقتاله كفر " ليس على الكفر بالله تعالى حتى يكون به مرتدا ، ولكنه على تغطيته به إياه واستهلاك به إياه لأن الكفر هو [ ص: 315 ] التغطية للشيء ، التغطية التي تستهلكه ، ومنه قول الله تعالى : كمثل غيث أعجب الكفار نباته ولا اختلاف بين أهل العلم بالتأويل أن الكفار الذين أريدوا هاهنا هم الزراع لأنهم يغطون ما يزرعون في الأرض التغطية التي يستهلكونه به .
ومما يدل على أن ذلك الكفر المذكور في هذا الحديث لم يرد به الكفر بالله تعالى بل قد وجدناه يقتل أخاه فلا يكون بقتله إياه كافرا بالله ، وإذا لم يكن بقتله إياه كافرا بالله كان بقتاله إياه أحرى أن لا يكون به كافرا .
ومثل ذلك ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث الكسوف .
851 - حدثنا ، أخبرنا يونس أن ابن وهب ، حدثه ، عن مالكا ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ابن عباس في حديثه من كسوف الشمس ، عن النبي عليه السلام قال : { ورأيت النار فرأيت أكثر أهلها النساء ، قيل : لم يا رسول الله ؟ قال : بكفرهن ، قيل : يكفرن بالله تعالى ؟ قال : يكفرن العشير ، ويكفرن الإحسان ، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئا قالت ما رأيت منك خيرا قط } .
فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلهن هذا كفرا لتغطيتهن به الإحسان الذي قد تقدم إليهن ، [ ص: 316 ] ومثله أيضا ما روي عن ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير هذا الحديث . ابن عباس
852 - كما حدثنا ، حدثنا أبو أمية ، حدثنا أبو نعيم ، عن قيس الأغر بن الصباح ، عن خليفة بن حصين ، عن أبي نصر ، عن قال : ابن عباس الأوس والخزرج شيء في الجاهلية فتذاكروا ما كان بينهم فثار بعضهم إلى بعض بالسيوف ، فأتي رسول الله عليه السلام فذكر ذلك له فذهب إليهم ، فنزلت هذه الآية : وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا كان بين [ ص: 317 ] فلم يكن بما كان منهم من القتال مما أنزل الله تعالى عنده هذه الآية التي ذكر فيها ما كان منهم بالكفر على الكفر بالله تعالى ، ولكن كان على تغطيتهم ما كانوا عليه قبل ذلك من الألفة والأخوة حتى إذا كان منهم ما كان منهم من ذلك فسمي كفرا لا يراد به الكفر بالله عز وجل ولكن الكفر الذي ذكرناه سواه .
ومثل ذلك ما قد روي عن في تأويله قول الله تعالى : ابن عباس ومن لم يحكم بما أنـزل الله فأولئك هم الكافرون على ما تأوله عليه .
كما حدثنا ، حدثنا ابن مرزوق ، عن أبو حذيفة ، عن سفيان ، عن ابن طاووس قال : قيل أبيه : لابن عباس ومن لم يحكم بما أنـزل الله فأولئك هم الكافرون قال : هي كفره وليس كمن كفر بالله واليوم الآخر .
وحدثنا ابن أبي مريم ، حدثنا ، حدثنا الفريابي ، عن سفيان ، عن معمر ، عن ابن طاووس قال : قلت طاووس : لابن عباس ، ومثل ذلك أيضا ما قد رواه من لم يحكم [ ص: 318 ] بما أنزل الله فهو كافر ، قال : هو به كفره ، وليس كمن كفر بالله واليوم الآخر وكتبه ورسله ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . أبو هريرة
853 - كما حدثنا بكر بن إدريس ، عن ، حدثنا أبي عبد الرحمن المقرئ ، أخبرني حيوة بن شريح أن جعفر بن ربيعة القرشي أخبره أنه سمع عراك بن مالك يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { أبا هريرة لا ترغبوا عن آبائكم ، فمن رغب عن أبيه فهو كفر } .
فذلك عندنا ، والله أعلم ، على مثل ما ذكرناه من مثله من هذا الباب .
[ ص: 319 ] ومثل ذلك أيضا ما قد رواه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . عقبة بن عامر
854 - كما حدثنا الربيع المرادي قالا : حدثنا وبحر بن نصر ، عن بشر بن بكر ، حدثني ابن جابر ، حدثني أبو سلام خالد بن زيد قال : قال لي : عقبة قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : { من ترك الرمي بعدما علمه رغبة عنه فإنها نعمة كفرها } .
فمثل ذلك الكفر الذي ذكر به المسلم من قتاله هو هذا الكفر لا الكفر بالله عز وجل ، والله نسأله التوفيق .