[ ص: 127 ] 233 - باب بيان مشكل ما روي { عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في التقليس في الأعياد }
1484 - حدثنا ، قال : حدثنا محمد بن سليمان بن الحارث الأزدي الباغندي ، قال : حدثنا أبو نعيم ، عن شريك جابر ، عن ، عن { عامر ، قال : قيس بن سعد بن عبادة بالأنبار ، فقلت لهم : ما لي لا أراكم تقلسون كما كانوا يقلسون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم . ؟ شهدت عيدا }
[ ص: 128 ]
1485 - حدثنا محمد بن عبد الرحيم الهروي ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا آدم بن أبي إياس شيبان ، عن وإسرائيل جابر ، عن ، عن { عامر ، قال : قيس بن سعد ما كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء إلا قد رأيته يعمل بعده إلا شيئا واحدا ، فإنه كان يقلس يوم الفطر ، يعني يلعب } .
قال : فكان ما روينا من هذا الحديث إنما يرجع إلى جابر بن يزيد الجعفي مطلقا لا يذكر سماع له إياه ، عن أبو جعفر ، وما لم يكن من حديث عامر الشعبي جابر مذكورا فيه سماعه إياه ممن يحدث به عنه ، وما يدل على ذلك فليس بالقوي عند من يميل إليه ، فكيف عند من ينحرف عنه ، وذلك أني سمعت فهد بن سليمان يقول : سمعت يقول : قال أبا نعيم : كل ما قال لك فيه سفيان جابر : سمعت أو حدثني أو أخبرني فاشدد به يديك ، وما كان سوى ذلك ففيه ما فيه .
1486 - وقد حدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن أبي داود ، عن يوسف بن عدي الكوفي ، عن شريك ، عن مغيرة ، عن { عامر ، قال : عياض الأشعري بالأنبار ، فقلت : ما لي [ ص: 129 ] لا أراكم تقلسون كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوله شهدت عيدا } .
قال : ففي هذا الحديث رد أبو جعفر إياه إلى الشعبي عياض الأشعري ، وعياض هذا رجل من التابعين ، فعاد الحديث به إلى أن [ ص: 130 ] صار منقطعا ، وكان أولى مما رويناه قبله في هذا الباب ؛ لأن مغيرة عن أثبت من الشعبي جابر عن ، وإن كان الشعبي قد حدث عن الشعبي قيس بن سعد بغير هذا الحديث .
1487 - كما حدثنا ، قال : حدثنا الباغندي ، قال : حدثنا عمرو بن عون الواسطي ، قال : حدثنا إسحاق بن يوسف الأزرق ، عن شريك ، عن حصين ، { عن عامر ، قال : قيس بن سعد بن عبادة الحيرة ، قال : فرأيتهم يسجدون لمرزبان لهم ، وسقط كلام ، وهو : فلما قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم قلت : يا رسول الله ، إني أتيت الحيرة ، فرأيتهم يسجدون لمرزبان لهم ، فقلت : رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن نسجد له ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لو أمرت شيئا أن يسجد لشيء لأمرت النساء أن يسجدن لأزواجهن أتيت } .
[ ص: 131 ] قال : أبو جعفر وقيس بن سعد متأخر الوفاة ، ليس بمستنكر لقي إياه . الشعبي
ذكر محمد بن سعد صاحب الواقدي في كتابه في الطبقات ، قال : وقيس بن سعد توفي بالمدينة في آخر خلافة معاوية .
وأما التقليس في الحديث الأول الذي ذكرناه في هذا الباب فلا اختلاف بين أهل اللغة وبين من سواهم ممن يؤخذ مثل هذا عنه أنه اللعب واللهو اللذان ليسا بمكروهين ، كمثل ما أطلق في الأعراس منهما ، وإن كان ما يفعل في الأعياد وفي الأعراس منهما مختلفين ، وذلك والله أعلم إنما هو ليعلم أهل الكتابين أن في دين الإسلام سماحة .
فإن قال قائل : كيف تقبلون هذا وقد رويتم عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يخالفه ؟ فذكر .
1488 - ما قد حدثنا ، قال : حدثنا علي بن معبد ، عن عبد الله بن بكر السهمي ، عن حميد ، قال : أنس بن مالك المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما في الجاهلية ، فقال : إن الله قد أبدلكم بهما خيرا [ ص: 132 ] منهما : يوم الفطر ، ويوم الأضحى } . { قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم
1489 - وكما حدثنا علي بن شيبة ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا يزيد بن هارون ، عن حميد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم... فذكر مثله . أنس
قيل له : ما في هذا ما يخالف ما ذكرناه قبله ؛ لأن الذي أخبرهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث ، إنما هو إبدال الله عز وجل إياهم باليومين اللذين كانوا يلعبون فيهما في الجاهلية : يوم الفطر ويوم النحر .
وقد يحتمل أن يكون - يعني - أراد بذلك منهم أن يجعلوا فيهما من اللعب ما كانوا يفعلونه في ذينك اليومين من اللعب في الجاهلية ، وذلك عندنا والله أعلم على اللعب المباح مثله لا على اللعب المحظور مثله كما قد أبيح لهم في أعراسهم اللعب الذي أبيح لهم فيها .
1490 - كما قد حدثنا أبو أمية ، جميعا قالا : حدثنا وإبراهيم بن أبي داود ، قال : حدثنا يحيى بن صالح الوحاظي ، قال : حدثنا سليمان بن بلال ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، قال : جابر وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما . الآية .
{ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب قائما ، ثم يجلس [ ص: 133 ] ثم يقوم فيخطب قائما خطبتين ، فكان الجواري إذا نكحوا يمرون بالكبر والمزامير ، فيشتد الناس ويدعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما ، فعاتبهم الله عز وجل ، فقال : قال : أفلا ترى أن الله تعالى لم ينههم عن اللهو الذي قد أباح مثله فيما كان ذلك اللهو منهم فيه ، وكذلك اللعب الذي قد أباحه في الأعياد غير داخل في مثله من اللهو الذي قد نهاهم عنه في غير الأعياد ، فبان بحمد الله ونعمته أن لا تضاد في شيء مما ذكرناه من الآثار في هذا الباب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والله نسأله التوفيق . أبو جعفر