[ ص: 372 ] 767 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يحكيه ، عن ربه - عز وجل - من قوله : كل عمل ابن آدم هو له إلا الصيام هو لي ، وأنا أجزي به .
4870 - حدثنا ، قال : حدثنا الربيع بن سليمان المرادي ، قال : أخبرني عبد الله بن وهب ، عن يونس بن يزيد ، قال : أخبرني ابن شهاب أنه سمع سعيد بن المسيب ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أبا هريرة محمد بيده ، لخلفة فم الصائم أطيب عند الله - عز وجل - من ريح المسك كل عمل ابن آدم له إلا الصيام هو لي ، وأنا أجزي به ، والذي نفس .
[ ص: 373 ] فتأملنا هذا الحديث ، فوجدنا الصيام فيه معنى لم نجده في غيره من الأشياء التي تعبد الناس بها ، منها الصلاة ، فقد يقدر الإنسان أن يأتي بها على أنه يريد بها غير الله - عز وجل - فيري الناس صلاته ، ويخفي عنهم عيبه ، فكذلك هو في صدقته وفي حجه ، وكان الصيام بخلاف ذلك ; لأنه لا يتهيأ لأحد أن يراه منه كما يرى تلك الأشياء من أهلها ، وإنما ينفرد بعلمه منه ووقوفه عليه الله - عز وجل - دون من سواه ، فكان ما ينفرد به - عز وجل - من خلقه هو الذي له ، وما يكون هو يعلمه ، ثم يعلمه خلقه ممن يكون منه ، على ما قد ذكرنا مما قد كان له فيه شركاء جل وتعالى ، وكان ذلك الذي ذكرنا من الصيام ما يناله وخارجا عنه ، فأضيف الصيام فيما ذكرنا إلى الله - عز وجل - ولم يضف ما سواه مما وصفنا إليه ، إذ كان قد يأتيه ، وخالفه فيما ينفرد الله - عز وجل - به من الصيام وما يشركه فيه غيره من سواه ، والله نسأله التوفيق .