[ ص: 460 ] 780 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في إقامته حد الزنى على المقر به عنده من المرأة التي أنكرت ذلك
4941 - حدثنا الربيع بن سليمان المرادي ونصر بن مرزوق جميعا قالا : حدثنا ، قال : حدثنا أسد بن موسى ، قال : حدثنا مسلم بن خالد ، حدثني أبو حازم صاحب النبي صلى الله عليه وسلم : سهل بن سعد أن رجلا من أسلم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : إنه زنى بامرأة سماها ، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى المرأة ، فدعاها فسألها عما قال ، فأنكرت ، فحده وتركها .
هكذا حدثنا الربيع ونصر بهذا الحديث بغير إدخال منهما بين ، وبين مسلم بن خالد أبي حازم فيه أحدا .
4942 - وقد حدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن أبي داود ، قال : حدثنا هشام بن عمار ، قال : حدثنا مسلم بن خالد عباد بن إسحاق ، عن [ ص: 461 ] عن أبي حازم سهل بن سعد أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : زنى بي فلان ، فبعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى فلان ، فسأله فأنكر ، فرجم المرأة .
فأدخل في إسناد هذا الحديث بين ابن أبي داود مسلم وبين أبي حازم عباد بن إسحاق .
ففي هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام حد الزنى على المقر به عنده من الرجل ومن المرأة .
وهذه مسألة قد اختلف أهل العلم فيها ، فقال بعضهم : إن المقر بالزنى يحد حد الزاني ، وإن المنكر لذلك لا حد عليه ، وممن كان يذهب إلى ذلك منهم : . أبو يوسف
وقال بعضهم : لا يحد المقر بالزنى منهما ، إذ كان للمنكر منهما مطالبة المقر بالزنى بحد القذف بالزنى الذي رماه به ، لأنا نحيط علما : أنه لا يجتمع عليه فيما أقر به من ذلك هذان الحدان جميعا ; لأنه إن كان صادقا فيما أقر به كان زانيا ، وكان عليه حد الزنى ، ولم يكن عليه حد قذف لصاحبه ، وإن كان كاذبا كان قاذفا ، ووجب عليه حد القذف لصاحبه ، ولم يجب عليه حد الزنى ; لأنه كان كاذبا في إقراره به ، وممن قال بذلك ، وقد احتج عليه مخالفوه بهذا [ ص: 462 ] الحديث وادعوا عليه تركه إياه ، فنظرنا في ذلك . أبو حنيفة
4943 - فوجدنا إبراهيم بن محمد الصيرفي قد حدثنا ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا أبو الوليد الطيالسي ، عن أبو عوانة ، عن سماك بن حرب ، عن عكرمة ابن عباس لماعز بن مالك : أحق ما بلغني عنك ؟ قال : وما بلغك عني ، قال : إنك أتيت جارية آل فلان ، فأقر به على نفسه أربع مرات ، فأمر به فرجم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال .
[ ص: 463 ]
4944 - ووجدنا أحمد بن داود قد حدثنا ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا أبو الوليد الطيالسي ، قال : حدثنا أبان بن يزيد ، قال : حدثني يحيى بن أبي كثير ، عن أبو سلمة يزيد بن نعيم بن هزال ، هزال استرجم لماعز ، قال : كانت لأهله جارية ترعى غنما ، وإن ماعزا وقع عليها ، وإن هزالا أخذه فمكر به وخدعه ، فقال : انطلق إلى رسول الله ، فنخبره بالذي صنعت عسى أن ينزل فيك قرآن ، فأمر به نبي الله صلى الله عليه وسلم ، فلما عضه مس الحجارة انطلق يسعى ، فاستقبله رجل بلحي بعير فضربه فصرعه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : يا هزال ، لو كنت سترته بثوبك كان خيرا لك وكان .
[ ص: 464 ] قال : فوقفنا بما رويناه في هذين الحديثين على : أن المقر كان بالزنى عند النبي صلى الله عليه وسلم كان هو الرجل المذكور في الحديثين الأولين ، كما في حديث أبو جعفر الربيع ونصر لا المرأة ، كما في حديث ، وأن ذلك الرجل كان من ابن أبي داود أسلم ، وهو ماعز بن مالك لا اختلاف فيه أنه كذلك .
ودل ما في هذين الحديثين الآخرين : أن المرأة التي أقر ذلك الرجل بالزنى بها كانت أمة لا حد لها عليه في رميه إياها بالزنى ، وهكذا يقول في المرمية بالزنى التي ذكرنا ، إذا كانت أمة لا يجب على قاذفها حد ، وأنكرت الزنى الذي رماها به ، أن المقر بالزنى يحد حد الزنى ، وإنما يرفع عنه حد الزنى إذا كانت حرة يجب لها عليه حد القذف الذي يجعل به كاذبا فيما رماها به ، ساقط الشهادة في المستأنف . أبو حنيفة
وأما إذا كانت أمة لا حد على قاذفها ، فإنه يكون محدودا في الزنى الذي أقر به ; لأنه لا حد عليه فيما أقر به غير حد الزنى الذي أقر به ، وإذا كانت حرة كان عليه لها حد القذف الذي نحيط علما أنه لا يكون عليه معه حد الزنى ، فبان بحمد الله ونعمته : أن لا حجة في هذا الحديث ، لمن ادعى فيه الخلاف له على ، والله نسأله التوفيق . أبي حنيفة