[ ص: 373 ] 853 - باب بيان مشكل ما روي عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أكبر الذنوب
5338 - حدثنا ، قال : حدثنا بكار بن قتيبة ، قال : حدثنا مؤمل بن إسماعيل ، قال : حدثنا سفيان الأعمش ، عن ومنصور ، عن أبي وائل ، عن عمرو بن شرحبيل ، قال : عبد الله والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون الآية قلت : يا رسول الله ، أي الذنوب أكبر ؟ قال : " أن تجعل لخالقك ندا ، وهو خلقك ، وأن تقتل ولدك خشية أن يأكل معك ، وأن تزاني حليلة جارك " ، فنزل القرآن بتصديق قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : .
قال : هكذا قد حدثنا أبو جعفر بكار هذا الحديث بغير تقديم لبعض هذه الذنوب المذكورة فيه على بعض .
5339 - وقد حدثناه يزيد بن سنان جميعا ، قالا : حدثنا وإبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا أبو عامر العقدي ، عن سفيان منصور ، عن والأعمش ، عن أبي وائل ، [ ص: 374 ] عن عمرو بن شرحبيل ، قال : عبد الله والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق الآية قلت : يا رسول الله ، أي الذنب أكبر ؟ قال : " أن تجعل لخالقك - عز وجل - ندا ، وقد خلقك قال : قلت : ثم أي ؟ قال : " أن تقتل ولدك خشية أن يأكل معك " . قال : قلت : ثم أي ؟ قال : " ثم أن تزاني حليلة جارك " . قال : ثم نزل القرآن بتصديق قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : .
5340 - وحدثنا أيضا ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا محمد بن كثير العبدي ، عن سفيان منصور وواصل الأحدب ، عن والأعمش ، عن أبي وائل ، عن عمرو بن شرحبيل ، قال : عبد الله بن مسعود قلت : يا رسول الله ، وذكر مثله .
5341 - وحدثنا ، قال : حدثنا يزيد الحسن بن عمر بن شقيق ، قال : حدثنا ، عن جرير بن عبد الحميد ، عن الأعمش ، عن أبي وائل ، قال : قال عمرو بن شرحبيل : ابن مسعود قال رجل : يا رسول الله ، أي الذنب أكبر عند الله - عز وجل ؟ ثم ذكر نحو حديث سفيان ، عن . الأعمش
[ ص: 375 ] قال : ففي هذا الحديث : أن أكبر الذنوب الإشراك بالله - عز وجل - ثم قتل الرجل ولده خشية أن يأكل معه ، ثم مزاناته حليلة جاره . أبو جعفر
وقد كنا ذكرنا فيما تقدم منا في كتابنا هذا حديث ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أن أكبر الكبائر الشرك بالله - عز وجل - ثم عقوق الوالدين ، ثم شهادة زور . عبد الله بن عمرو
فقال قائل : هذان حديثان متضادان .
فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله - عز وجل - وعونه : أنه لا تضاد فيهما عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإنما فيهما جواب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عما سئل عنه من الأشياء المذكورة فيه ، فأجاب عن ذلك بالجواب الذي كان منه فيها فحفظ عنه عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمرو جميعا : أن أكبر الذنوب أن يجعل الرجل لله - عز وجل - ندا وهو خلقه ، وكان ذلك معقولا أنه لا ذنب أكبر من ذلك الذنب ، ثم سئل - صلى الله عليه وسلم - عن الذنب الذي يتلوه ، فحفظ عنه جوابا عن ذلك قوله : " أن تقتل ولدك خشية أن يأكل معك " ، وحفظ ابن مسعود ابن عمرو عنه أنه قال في ذلك : " ثم عقوق الوالدين " .
وقد عقلنا أن قتل النفس التي حرم الله بغير الحق أكبر من عقوق الوالدين ، فعقلنا بذلك أن الذي كان من جوابه في ذلك ما حفظه عنه ، لا سيما والقتل الذي ذكره في ذلك هو قتل الرجل ولده [ ص: 376 ] الذي جعل الله له عليه رزقه وكسوته اللذين يكون عنهما نباته مما لم يجعل مثله عليه ، لمن لا أبوة له عليه ، فكان ذلك من أكبر القتل ، وكان ما سواه من القتل ممن ليس له من القاتل مثل ذلك الموضع دون ذلك القتل . ابن مسعود
ثم سئل عن الذنب الذي يتلوه ، فكان جوابه في ذلك مما حفظه عنه فيه : أنه مزاناة الرجل حليلة جاره ، وكان جوابه في ذلك مما حفظه ابن مسعود : أنه شهادة الزور . عبد الله بن عمرو
وقد عقلنا : أن الزنى أكبر من شهادة الزور ، لا سيما بحليلة جار الزاني بها ; لأن عليه من حفظ جاره ، وترك التخطي إلى مكروهه ، أكبر من الواجب عليه في مثل ذلك لمن سواه من الناس .
فعقلنا بذلك : أن الذي رواه في ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جوابا منه عن ما سئل عنه من ذلك ، هو أولى الجوابين به المذكورين في حديث ابن مسعود ابن مسعود وابن عمرو ، فعاد الذي وقفنا عليه بتصحيح هذين الحديثين ، أن أكبر الذنوب المذكورة في هذين الحديثين هي : الشرك بالله - عز وجل - ثم يتلو ذلك منها : قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، وإن تفاضلت أحوال المقتولين في ذلك ، ثم يتلو ذلك الزنى ، وإن تفاضل الزناة في ذلك .
ثم كان ما بعد هذه الثلاثة الذنوب مما ذكر في حديث ، وهو عقوق الوالدين ، وشهادة الزور موضع كل واحد منهما هو الموضع المذكور فيه ، عنه ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد عاد هذان الحديثان اللذان ذكرنا لا تضاد فيهما عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبان ما ظنه [ ص: 377 ] هذا القائل : أنه تضاد فيهما ، أنه ليس من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولكن ممن حفظ عنه شيئا ، وقصر عنه صاحبه على ما قد ذكرناه فيهما ، والله - عز وجل - نسأله التوفيق . عبد الله بن عمرو