[ ص: 350 ] 764 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله : إن أحق ما وفيتم به من الشروط ما استحللتم به الفروج .
4862 - حدثنا أبو القاسم هشام بن محمد بن قرة بن أبي خليفة الرعيني ، قال : حدثنا ، قال : أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الأزدي
حدثنا ، قال : حدثنا الربيع بن سليمان المرادي شعيب بن الليث بن سعد ، قال : حدثنا ، عن الليث بن سعد ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن أبي الخير : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : عقبة بن عامر الجهني إن أحق ما وفيتم به من الشروط ما استحللتم به الفروج .
[ ص: 351 ]
4863 - حدثنا ، قال : حدثنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي ، عن عمرو بن أبي سلمة الدمشقي ، قال : أخبرني زهير بن محمد ، عن ابن جريج أن يزيد بن أبي حبيب حدثه ، عن أبا الخير ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله ، ولم يذكر في إسناده بين عقبة بن عامر الجهني وبين ابن جريج أحدا . يزيد بن أبي حبيب
قال : فنظرنا هل سمعه أبو جعفر من ابن جريج يزيد ، أو أخذه عن غيره عنه ؟
4864 - فوجدنا عبد الملك بن مروان الرقي قد حدثنا ، قال : حدثنا ، عن حجاج بن محمد ، قال : حدثني ابن جريج ، عن سعيد بن أيوب ، هكذا أملاه علينا ، وإنما هو ابن أبي أيوب أن يزيد بن أبي حبيب : حدثه ، عن أبا الخير ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : عقبة بن عامر الجهني إن أحق [ ص: 352 ] الشروط أن يوفى بها ما استحللتم به الفروج .
فوقفنا بذلك على أن إنما أخذ هذا الحديث ، عن ابن جريج ، عن سعيد بن أبي أيوب يزيد .
ثم تأملنا متن هذا الحديث لنقف على المراد به إن شاء الله ، فوجدنا الله - عز وجل - قد قال في كتابه : وآتوا النساء صدقاتهن نحلة ، وقال : وعاشروهن بالمعروف ، وقال : فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ، حضا منه لهم على إمساكهن لما عسى أن يكون قد علمه - عز وجل - لهم في ذلك من الخيرة فيما يفعلونه من ذلك .
ثم قال : وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا ، فجعل أخذهم إياه منهن من حيث لا ينبغي أخذهم إياه منهن بهتانا وإثما مبينا .
ثم قال : وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقا غليظا ، وكان الإفضاء المذكور في هذه الآية هو الجماع ، الذي كان بينهم ، والميثاق المذكور فيها هو العقد الذي كان فيه إحلالهن فروجهن لمن تزوجهن .
[ ص: 353 ] وقال الله - عز وجل - على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم .
4865 - ما قد حدثنا ، قال : حدثنا علي بن معبد ، قال : حدثنا يونس بن محمد حسين بن عازب بن شبيب بن غرقدة أبو غرقد ، عن شبيب بن غرقدة ، عن سليمان بن عمرو - وهو ابن الأحوص الأزدي - عن عمرو بن الأحوص ، قال : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع ، فقال في خطبته : ألا واتقوا الله - عز وجل - في النساء ، فإنما هن عندكم عوان ، أخذتموهن بأمانة الله - عز وجل - واستحللتم فروجهن بكلمة الله ، لكم عليهن حق ، ولهن عليكم حق ، ومن حقكم عليهن أن لا يأذن في بيتكم إلا بإذنكم ، ولا يوطئن فرشكم من تكرهون ، فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضربا غير مبرح ، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا ، وإن من حقهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف .
[ ص: 354 ] قال : فكان عقد التزويج يوجب هذه الأشياء المذكورات فيما ذكرنا للزوجات على الأزواج بعقد التزويجات اللاتي يعقدونها بينهم ، وكانت بذلك مشترطات من الله - عز وجل - للزوجات على الأزواج ، فكانت أحق ما وفي به ; لأن ما يشترطه الآدميون بعضهم لبعض كان واجبا على من شرطه منهم الوفاء به لمن اشترطه له على نفسه ، وإذا كان ذلك كذلك فيما اشترطه بعضهم لبعض كان ما اشترطه الله - عز وجل - لبعضهم على بعض أحق بالوفاء به مما سواه مما يشترطه بعضهم لبعض ، ولا سيما ما قد جعل في انتهاك حرمته من العقوبات ما قد جعل من النكال ، ومن الحدود التي في بعضها فوات الأنفس ، وما كان كذلك كان معقولا أن في الأشياء التي ترفع ذلك - وهي العقوبة - التي معها إباحة ذلك ، ووصف الله - عز وجل - ما قد جعله سببا له بقوله : أبو جعفر وجعل بينكم مودة ورحمة ، وما كان تكون به المودة والرحمة مع علو رتبتهما ضدا لما قابله من العقوبة بالنكال ، وما سواه مما ذكرنا ، وأحق الأشياء بذوي الألباب اختيار ما ذكرنا من الأشياء المحمودات على أضدادها من الأشياء المذمومات ، وبالله التوفيق .