[ ص: 472 ] 714 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله : " لا ينكح الزاني إلا مجلودا مثله "
4548 - حدثنا أحمد بن داود بن موسى ، حدثنا ، حدثنا مسدد بن مسرهد ، عن عبد الوارث بن سعيد ، حدثني حبيب المعلم ، عن عمرو بن شعيب ، عن سعيد المقبري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبي هريرة لا ينكح الزاني إلا مجلودا مثله .
[ ص: 473 ] هكذا حدثنا أحمد بن داود هذا الحديث ، وكان ذلك عندنا - والله أعلم - على المجلود في الزاني المقيم بعد الجلد على الزنى الذي كان جلد فيه ، لا على ترك منه لذلك ، ولا نزوع منه عنه ; لأن وصفه [ ص: 474 ] صلى الله عليه وسلم إياه بالجلد ذكر له بحال هو عنده فيها مذموم ، لأن الجلد في الزنى فيه كفارة للمجلود ، وذمه بذلك مما يدفع أن يكون ذلك الجلد كان له كفارة إذا كان مقيما على ما يوجب عليه مثله .
ثم نظرنا ، هل روي هذا الحديث بغير هذه الألفاظ . ؟
4549 - فوجدنا قد حدثنا قال : أخبرنا إسحاق بن إبراهيم بن يونس أزهر بن مروان الرقاشي ، عن قال : أخبرنا عبد الوارث بن سعيد ، عن حبيب المعلم ، عن عمرو بن شعيب ، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبي هريرة الزاني مجلود ، هكذا قال ، وإنما هو : " الزاني المجلود لا ينكح إلا مثله .
قال : فكان في هذا الحديث القصد في ذكر الناكح والمنكوح جميعا بالجلد لا بالزنى الذي كانا جلدا فيه ، فكان ذلك معقولا أنه أريد بما ذكر به كل واحد منهما الزنى الذي كان جلد فيه لا نفس الجلد الذي كان جلد فيه . أبو جعفر
ثم نظرنا ، هل روى هذا الحديث غير بمعنى يخالف فيه عبد الوارث بن سعيد عبد الوارث مما رويناه عنه عليه . ؟
4550 - فوجدنا قد حدثنا قال : حدثنا علي بن الحسين بن حرب ، حدثنا أبو الأشعث أحمد بن المقدام العجلي ، حدثنا يزيد بن زريع قال : قلت حبيب المعلم إن فلانا يقول : إن الزاني لا ينكح إلا زانية مثله ، قال : وما يعجبك من ذلك ؟ حدثني لعمرو بن شعيب : ، [ ص: 475 ] عن سعيد بن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أبي هريرة الزاني لا ينكح إلا زانية مثله ، والمجلود لا ينكح إلا مجلودة مثله .
وكان في هذا الحديث زيادة على ما في الحديثين الأولين ، وهي : " لا يتزوج الزاني إلا زانية " ، فكان ذلك على الزانيين المقيمين على الأحوال المذمومة ، أي أن أحدهما لا ينكح صاحبه إلا للأحوال المذمومة التي يوافقه عليها ، وفيه أن المجلود لا ينكح إلا مجلودة على ذلك المعنى ، وكان ذلك عندنا - والله أعلم - على مجلود في زنى هو مقيم عليه ، مجلودة في زنى هي مقيمة عليه ، لا على زانيين جلد كل واحد منهما في زناه جلدا جعله الله عز وجل له كفارة له ، إذ كان قد نزع عن ذلك الزنى الذي جلد فيه ذلك الجلد وتاب إلى الله منه .
ووجدنا حديثا قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه ذكر شيء قد يحتمل أن يكون ما ذكر في هذه الأحاديث هو المقصود لما ذكر فيها إليه ، وهو :
4551 - ما قد حدثنا قال : حدثني علي بن عبد الرحمن بن محمد بن المغيرة ، حدثنا يحيى بن معين ، عن معتمر بن سليمان ، عن أبيه الحضرمي - قال : وهو أبو جعفر ابن لاحق - عن ، عن القاسم بن محمد عبد الله بن عمرو أم مهزول ، وكانت [ ص: 476 ] تكون بأجياد ، وتشترط للرجل يتزوجها أن تكفيه النفقة ، وأن رجلا من المسلمين استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها ، فقرأ هذه الآية ، أو أنزلت هذه الآية : والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك أن امرأة يقال لها : .
وما قد حدثنا حدثنا إبراهيم بن أبي داود ، ، أخبرنا عمرو بن عون الواسطي ، عن هشيم ، عن التيمي - ولم يذكر [ ص: 477 ] بينهما القاسم بن محمد الحضرمي - عن ، ولم يقل : عبد الله بن عمر ابن عمرو ، قال : أم مهزول . كن نساء بغايا معلومات ، كان الرجل يتزوج المرأة منهن لتنفق عليه ، منهن
4552 - وما قد حدثنا قال : حدثنا ابن أبي داود ، حدثنا مسدد ، عن يحيى بن سعيد عبيد الله بن الأخنس ، عن ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه جده مرثد بن أبي مرثد قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أنكح عناقا ؟ لبغي كانت بمكة ، قال : فسكت عني رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزلت هذه الآية : الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك . فقال : يا مرثد " ، فقلت : لبيك يا رسول الله ، فتلا علي هذه الآية ، وقال : " لا تنكحها أن رجلا يقال له : .
[ ص: 478 ] فاحتمل أن يكون ما في الآثار الأول هو الذي ينكح المرأة لهذا المعنى الذي يطلق لها فعله ، ليصل مما تكتسبه من ذلك الفعل إلى ما يوصله إليه من الإنفاق عليه ، وكفايته المؤنة في نفسه وفيها ، ومن كان كذلك ، كان فاعلا لما يكون سببا للزنى ، وكان الذم له على ذلك مما لا خفاء به . فقال قائل : أفيجوز أن يسمى بما يسمى به في الحديث الأول من الزنى الذي سمي به فيه ، ويطلق ذلك عليه ، ولم يكن منه الزنى ؟
فكان جوابنا له في ذلك أنه قد يجوز أن يطلق عليه هذا الاسم إذا كان قد صار سببا لإطلاقه إياه إلى من يفعله ، وإباحته إياه ذلك ، كما قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم .
4553 - مما قد حدثنا ، حدثنا علي بن معبد ، حدثنا روح بن عبادة ثابت بن عمارة قال : سمعت غنيم بن قيس قال : سمعت يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أبا موسى الأشعري أيما امرأة استعطرت ومرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية ، وكل عين زانية .
[ ص: 479 ] وكان في هذا الحديث إطلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها الزنى ، وكان منها السبب الذي يكون عنه الزنى ، فمثل ذلك - والله أعلم - كان إطلاقه صلى الله عليه وسلم الزنى على من أطلقه عليه في الآثار الأول ، لفعله ما يكون سببا للزنى الذي أطلقه عليه . فبان بحمد الله ونعمته المعنى الذي حملنا عليه الآثار الأول التي ذكرناها في هذا الباب بهذا الأثر الثاني الذي ذكرناه فيه ، والله أعلم .