[ ص: 137 ] 560 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من ما كان منه في حجته من أمره زوجته أن توافي معه صلاة الصبح في يوم النحر بمكة أم سلمة
3517 - حدثنا محمد بن عمرو بن يونس الثعلبي المعروف بالسوسي ، قال : حدثنا ، عن أبو معاوية محمد بن خازم الضرير ، عن هشام - يعني ابن عروة - ، عن أبيه ، عن زينب ، أم سلمة بمكة يوم النحر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن توافي الضحى معه .
[ ص: 138 ] قال : فاحتج أبو جعفر ، كما حكى لنا الشافعي المزني عنه بهذا الحديث ، وقال فيه ما قد دل على أنه صلى الله عليه وسلم قد أباحها أن تنفر من جمع قبل طلوع الفجر ; لأنه لا يمكن أن يكون ذلك منها ، مع موافاتها مكة ضحى ، إلا وقد خرجت من جمع قبل طلوع الفجر ; لبعد ما بين مكة وجمع ، وفي ذلك ما قد دل على أنها قد كانت رمت الجمرة قبل طلوع الفجر .
قال : وهذا قول لم نعلم أحدا من أهل العلم سواه قاله ، ولا ذهب إليه ، فكلهم على خلافه فيه ، وعلى أنه ليس لأحد من الحاج أن يرمي جمرة العقبة في الليل قبل طلوع الفجر ، فتأملنا هذا الحديث فوجدناه إنما دار بهذا المعنى على أبو جعفر أبي معاوية ، ووجدنا أبا [ ص: 139 ] معاوية قد اضطرب فيه ، فحدث به مرة ، كما ذكرنا ، وحدث به مرة أخرى .
3518 - كما حدثنا ، قال : حدثنا الربيع بن سليمان المرادي ، قال : حدثنا أسد بن موسى ، عن محمد بن خازم ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن زينب بنت أبي سلمة ، قالت : أم سلمة بمكة أمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر أن توافي معه صلاة الصبح .
قال : وهذا خلاف ما في حديث أبو جعفر محمد بن عمرو عن أبي معاوية ; لأن في هذا أمره إياها يوم النحر أن توافي معه صلاة الصبح بمكة ، فهذا على أنه أمرها يوم النحر بهذا لليوم الذي بعد يوم النحر .
3519 - وذكر لي عبد الله بن سويد البغدادي عن ، عن الأثرم في كتاب ناولنيه وأجازه لي عن أحمد بن حنبل ، وحدثني أن الأثرم الأثرم صححه له وأجازه لمن انتسخته منه فانتسخته ، فكان فيه : عن ، قال : حدثنا أحمد بن حنبل ، عن أبو معاوية ، عن هشام ، عن أبيه ، [ ص: 140 ] عن زينب رضي الله عنها ، أم سلمة بمكة أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن توافيه يوم النحر .
قال : وفي ذلك الكتاب موصول بهذا الحديث : قال أبو جعفر أبو عبد الله أحمد بن حنبل : لم يسنده غيره - يعني أبا معاوية - وهو خطأ . قال : وقال وكيع : عن هشام ، عن أبيه مرسل : أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن توافيه صلاة الصبح يوم النحر بمكة ، أو نحو هذا . قال أبو عبد الله : وهذا أيضا عجب ، والنبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر ما يصنع بمكة ؟! ينكر ذلك ، قال أبو عبد الله : فجئت إلى يحيى بن سعيد ، فسألته ، فقال : عن هشام ، عن أبيه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن توافي ، ليس توافيه ، قال : وبين ذين فرق يوم النحر صلاة الفجر بالأبطح ، قال : وقال لي يحيى : سل عبد الرحمن ، فسألته ، فقال : هكذا عن سفيان ، عن هشام ، عن أبيه توافي . قال الأثرم : ثم قال لي أبو عبد الله رحم الله يحيى ما كان أضبطه وأشد تفقده ، كان محدثا فأثنى عليه وأحسن الثناء .
[ ص: 141 ] قال : وهذا كلام صحيح يجب به فساد هذا الحديث ، ثم طلبناه من غير حديث أبو جعفر أبي معاوية .
3520 - فوجدنا أبا معاوية قد حدثنا ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا قبيصة ، عن سفيان ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه رضي الله عنها أم سلمة بمكة يوم النحر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرها أن تصلي الفجر .
قال : ولم يذكر فيه بين أبو جعفر عروة وبين أحدا ، وهذا منقطع ; لأن أم سلمة عروة لم نعلم له سماعا من ، وهذا أيضا غير ما في حديث أم سلمة أبي معاوية ; لأن الذي فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن تصلي الفجر بمكة يوم النحر ، ليس معه ، ولكن وحدها .
[ ص: 142 ]
3521 - ووجدنا أحمد بن داود بن موسى قد حدثنا ، قال : حدثنا ، قال : أخبرنا عبيد الله بن محمد التيمي ، عن حماد بن سلمة ، عن هشام بن عروة عروة دار إلى يوم النحر ، فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة جمع أن تفيض ، فرمت جمرة العقبة وصلت الفجر أم سلمة بمكة ، أن يوم .
3522 - ووجدنا محمد بن خزيمة قد حدثنا ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا حجاج بن المنهال ، عن حماد ، عن هشام بن عروة ، أبيه دار إلى يوم النحر ، فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فرمت الجمرة ، وصلت الفجر أم سلمة بمكة أن يوم .
قال : ففي هذا الحديث انقطاعه بعد أبو جعفر عروة ، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرها ليلة جمع أن تفيض ، فرمت الجمرة وصلت الفجر بمكة ، فقد يحتمل أن يكون رميها الجمرة في الوقت الذي رمتها فيه [ ص: 143 ] كان بغير أمره إياها بذلك ، ويكون الذي أراده صلى الله عليه وسلم منها في رميها جمرة العقبة ما أراده من غيرها من ضعفة أهله أن يرموها بعد طلوع الشمس على ما قد رويناه عنه فيما قبل هذا الباب في ذلك ، ثم نظرنا في هذا الحديث أيضا .
3523 - فوجدنا قد حدثنا ، قال : حدثنا يوسف بن يزيد ، قال : حدثنا سعيد بن منصور ، عن الدراوردي ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه رضي الله عنها : عائشة أن تصلي الصبح يوم النفر أم سلمة بمكة ، وكان يومها ، فأحب أن توافقه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر .
3524 - ووجدنا جبر بن سعيد الحضرمي قد كتب إلي يحدثني عن محمد بن خلاد الإسكندراني ، أنه حدثه قال : حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن ، عن ، عن هشام بن عروة ، [ ص: 144 ] عن أبيه عائشة أن توافيه يوم النفر أم سلمة بمكة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر .
قال : ففي هذا خلاف ما فيما تقدم من هذه القصة في الإسناد وفي المتن جميعا ; لأن هذا في إسناده رجع إلى أبو جعفر لا إلى عائشة ، ولأن متنه قصد النبي صلى الله عليه وسلم في الوقت الذي أمر أم سلمة أن توافيه فيه أم سلمة بمكة يوم النفر لا يوم النحر ، وقد ذكرنا في باب عدد ما رماه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحصى في رميه جمرة العقبة فيما تقدم منا في كتابنا هذا ، أن إفاضة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة إنما كان في آخر يوم النحر ، ففي ذلك ما قد دل على خلاف ما في هذا الحديث الذي بدأنا بذكره من حديث أبي معاوية في قصة . أم سلمة
3525 - وما قد حدثنا أيضا ، قال : حدثنا يزيد بن سنان ، قال : حدثنا يحيى بن سعيد القطان ، قال : حدثني سفيان الثوري محمد بن طارق ، عن . طاوس ، عن وأبو الزبير رضي الله عنها عائشة : وابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخر طواف الزيارة إلى الليل .
[ ص: 145 ] ففي هذا ما قد دل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن به حاجة إلى موافاة إياه يوم النحر أم سلمة بمكة ، وفي ذلك ما قد دل على فساد حديث أبي معاوية الذي ذكرناه في صدر هذا الباب ، والله عز وجل نسأله التوفيق .