3123 - حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : حدثنا ( ح ) ، وحدثنا عبد الله بن رجاء الغداني عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم ، قالا : حدثنا ، قال : حدثنا الفريابي ، قال : حدثنا إسرائيل ، عن أبو إسحاق ، عن سعيد بن جبير ، قال : حدثني ابن عباس أبي بن كعب موسى والخضر صلى الله عليهما وسلم أنهما بينما هما يمشيان على الساحل إذ أبصر الخضر غلاما يلعب مع الغلمان ، فأخذ الخضر صلى الله عليه وسلم برأسه فاقتلعه بيده فقتله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا ، ثم ساق الحديث حتى انتهى منه إلى سؤال الخضر موسى صلى الله عليهما وسلم عما كان منه مما أنكره عليه وإلى قول الخضر له : ( وأما الغلام فكان كافرا وكان أبواه مؤمنين ) أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث عن قصة .
[ ص: 144 ] قال : ففي هذا الحديث : أقتلت نفسا زكية ، وقد روي من هذا الوجه بخلاف هذا الحرف من رواية أبي إسحاق ، عن ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس أبي أيضا .
3124 - كما قد حدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن مرزوق روح بن أسلم ، قال : أخبرنا ، قال : سمعت المعتمر بن سليمان يقول : حدثني أبي ، عن رقبة ، عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن جبير رضي الله عنه ، قال : حدثني ابن عباس ، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ، ثم ذكر مثله ، غير أنه ذكر مكان : أبي بن كعب زكية . زاكية
3125 - وحدثنا عمران بن موسى الطائي أبو الحسن ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا أبو الربيع الزهراني ، قال : سمعت المعتمر بن سليمان يذكر عن أبي ، عن رقبة ، عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 145 ] قال : أبي بن كعب الخضر طبع كافرا ، ولو أدرك لأرهق أبواه طغيانا وكفرا الغلام الذي قتله .
قال : وقد اختلف على أبو جعفر أبي إسحاق في هذا الحديث في زكية وفي زاكية " على ما ذكرنا عنه في كل واحدة من هاتين الروايتين .
وقد روي هذا الحديث أيضا عن ، عن عمرو بن دينار ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس أبي ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بـ زاكية ، لا بـ زكية .
3126 - كما قد حدثنا ، قال : حدثنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي ، قال : حدثنا الحميدي ، قال : حدثنا سفيان ، قال : حدثنا عمرو بن دينار ، عن سعيد بن جبير ، قال : حدثني ابن عباس أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم ذكر هذا الحديث وقال فيه مكان أبي بن كعب زكية في الحديث الأول : زاكية .
[ ص: 146 ] قال : وهذا الحرف فقد اختلف القراء في قراءاتهم إياه ، فقرأ بعضهم : بـ أبو جعفر زكية ، فممن قرأ منهم كذلك : فيما أجاز لي علي بن عبد العزيز ، عن أبي عبيد : عاصم ، والأعمش ، وحمزة ، والكسائي .
وممن قرأ منهم : زاكية فيما أجاز لي علي بن عبد العزيز ، عن أبي عبيد أيضا : ، أبو جعفر وشيبة ، ونافع ، وعبد الله بن كثير ، وأبو عمرو .
قال أبو عبيد : والقراءة عندنا : زاكية ؛ لأن أبا عمرو كان يفرق بينهما في التأويل ، ويقول : الزاكية : التي لم تذنب قط ، والزكية : التي قد أذنبت ، ثم غفر لها ، وإنما كان الخضر قتله صغيرا لم يبلغ الحنث .
قال أبو عبيد في هذه الإجازة : وكان الكسائي يراهما لغتين بمعنى واحد .
وكان ما قاله الكسائي في ذلك عندنا أولى مما قاله أبو عمرو فيه مما وافقه عليه أبو عبيد ، ثم نعود قائلين لأبي عبيد ، فنقول له : أما هذا المقتول وإن كان قد سمي غلاما ، فقد يجوز أن يسمى غلاما وهو بالغ ، وأما ما فيه من قوله : " ولو أدرك أرهقهما طغيانا وكفرا " فقد يكون ذلك الإدراك : الاحتلام ، وقد يجوز أن يكون خلافه من المعرفة بالأشياء المذمومة التي يرهق أبويه بها الطغيان والكفر .
وفي الآية ما قد دل على أنه قد كان بالغا ، وهو قول الله عز وجل [ ص: 147 ] حكاية عن نبيه موسى صلى الله عليه وسلم في خطابه لنبيه الخضر عليه السلام : أقتلت نفسا زكية بغير نفس ، أي : أنها لو قتلت نفسا ، لكانت مستحقة لقتلها بها ، فلا يكون ذلك إلا وقد تقدم بلوغها ، وصارت زكاتها بطهارتها ، وقد شد ذلك قول الله عز وجل في قصة مريم : ليهب لك غلاما زكيا ، أي : طاهرا ، فوصفه أنه زكي بغير ذنب كان منه قبل ذلك حتى غفره الله عز وجل له .
وفيما ذكرنا من ذلك ما يجب به فساد ما قاله أبو عمرو في تفريقه بين الزكية والزاكية ، وفي تثبيت ما قاله الكسائي : إنهما لغتان بمعنى واحد .
[ ص: 148 ] والعرب قد تفعل مثل هذا فتقول : القاصي والقصي ، وأنشدني بعض أهل العربية من أهل اللغة الأعراب في خطابه لزوجته في ولد ولدته فأنكره :
لتقعدن مقعد القصي أو تحلفي بربك العلي أني أبو ذيالك الصبي
يريبني بالمنظر التركي
ومقلة كمقلة الكركي
يريد بالقصي : القاصي ، ويريد بالعلي : العالي .فقال قائل : ففيما قد ذكرته من هذه الأحاديث زيادة حرف في الخط ، وهي الألف الموجودة في " زاكية " المفقودة في " زكية " ، فكيف جاز أن يكون ذلك كذلك في المصاحف التي قد ذكرتها ؟ .
فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه : أن ما ذكرناه من الاختلاف في زاكية و زكية ليس حكاية عن القرآن ، ولكنه حكاية [ ص: 149 ] عن كلام موسى صلى الله عليه وسلم للخضر عليه السلام بما كلمه به من ذلك ، وكان لسان موسى صلى الله عليه وسلم خلاف لسان نبينا صلى الله عليه وسلم الذي أنزل القرآن بلسانه ، وكان ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الأحاديث من زاكية ، ومن زكية حكاية عما كان من موسى صلى الله عليه وسلم مما خاطب به الخضر في ذلك ، والحكايات بالألسن عن الألسن التي كانت قبل ذلك بغير تلك الألسن ، فقد يجوز أن يحكى بالألفاظ المختلفة .
ومن ذلك قوله عز وجل في كتابه فيما حكاه عن نبيه زكريا صلى الله عليه وسلم من جوابه إياه لما سأله أن يجعل له آية ، فقال في موضع من كتابه : قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا ، وقال في موضع آخر منه : قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا ، إخبار عن معنى واحد ذكره في أحد الموضعين بالليالي التي تدخل فيها أيامها ، وفي الموضع الآخر بالأيام التي تدخل فيها لياليها .
فمثل ذلك حكايته عن موسى صلى الله عليه وسلم في وصف الغلام المقتول بالحال التي كان عنده عليها بأنه زكي في معنى " زاكي " ، وبأنه " زاكي " في معنى زكي ، ثم المرجوع إليه بعد ذلك في القراءة هو الموجود في المصاحف منها ، ففي بعضها إثبات الألف ، وفي بعضها سقوط الألف ، فدل ذلك أن ذلك واسع ، وأن ما قرئ به من تلك اللفظتين واسع غير معنف من مال إلى واحدة من الكلمتين ، وترك الأخرى ، والله عز وجل نسأله التوفيق .