[ ص: 190 ] 312 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يدل على الصحيح فيما اختلف فيه أهل العلم في الاستثناء في الأيمان إذا قدم منها ذكر الطلاق أو أخر منها هل يكونان سواء أو يكونان بخلاف ذلك ؟
قال : كان أهل العلم يسوون بين هذين المعنيين ، ولا يخالفون بينهما غير أبو جعفر شريح القاضي ؛ فإنه قد كان يخالف بينهما ، ويقول : إذا قدم الطلاق فيها لزم ، ولم تنفع الثنيا ، كالرجل يقول لامرأته : أنت طالق إن دخلت الدار ، فكان يجعلها طالقا الآن ولم تدخل الدار ، ويخالف بين ذلك وبين قوله : إذا دخلت الدار فأنت طالق ، فكان يقول في هذا كما يقول من سواه من أهل العلم : لا تطلق حتى تدخل الدار ، والذي روي عنه في ذلك :
ما قد حدثنا ، قال : حدثنا يوسف بن يزيد ، قال : حدثنا سعيد بن منصور ، قال : حدثنا هشيم ، عن مغيرة ، عن إبراهيم ، قال : شريح . من بدأ بالطلاق فلا ثنيا له
[ ص: 191 ] وما قد حدثنا ، قال : حدثنا يوسف بن يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن إبراهيم مثله ، قال : وقال شريح إبراهيم : وما يدري شريح ؟
وما قد حدثنا ، قال : حدثنا يوسف ، قال : حدثنا سعيد ، قال : أخبرنا هشيم ، عن حصين ، عن الشعبي مثله . شريح
وما قد حدثنا ابن أبي عمران ، قال : حدثنا إسحاق بن إسماعيل ، قال : حدثنا . هشيم
وما قد حدثنا ، قال : حدثنا يوسف بن يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن هشيم ، عن سيار عبد الرحمن بن ثروان ، قال : لقد ترك شريح في صدور الورعين منها هاجسا .
قال : ثم طلبنا الوجه فيما اختلفوا فيه من كتاب الله [ ص: 192 ] فوجدنا الله قد قال في كتابه لنبيه أبو جعفر لوط : إنا منجوك وأهلك إلا امرأتك كانت من الغابرين ، فبدأ عز وجل بذكر وعده إياه بما وعده به ، ثم استثنى منه من هو خارج من ذلك ، ومثل ذلك من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم مما قد روي عنه في سبب اللدود الذي كان ممن بحضرته لما أغمي عليه في مرضه الذي كان فيه حينئذ لدوه من قوله : لا يبقى في البيت أحد شهد لدي إلا لد ، إلا أن يميني لم تصب عمي العباس .
1932 - كما قد حدثنا فهد ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا أبو غسان ، قال : حدثنا قيس بن الربيع عبد الله بن أبي السفر ، عن أرقم قال : وهو ابن شرحبيل - عن أبو جعفر ، عن ابن عباس ، قال : العباس ، فأخذن سكا فدققنه ثم لددنه به ، فقال : لا يبقى في البيت أحد شهد لدي إلا لد ، إلا أن يميني لم تصب عمي ميمونة العباس ، فجعل بعضهم يلد بعضا دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده نسوة ، فاحتجبن مني إلا .
[ ص: 193 ]
1933 - وكما قد حدثنا أحمد بن داود بن موسى ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا مسدد ، عن يحيى يعني : القطان ، عن سفيان ، عن موسى بن أبي عائشة ، قال عبيد الله بن عبد الله
قالت رضي الله عنها : عائشة العباس ، فإنه لم يشهدكم لددنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه ، فجعل يشير إلينا أن لا تلدوني ، فقلنا : كراهة المريض للد فلما أفاق قال : ألم أنهكم أن تلدوني ؟ فقلنا : كراهة المريض للد ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يبقى منكم أحد إلا لد ، وأنا أنظر إلا .
1934 - وكما حدثنا ، قال : حدثنا يوسف بن يزيد حجاج بن إبراهيم ، قال : حدثنا ، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه رضي الله عنها أنها عائشة العباس أمرا عجبا كانت تأخذه الخاصرة فتشتد به جدا ، فكنا نقول أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم عرق [ ص: 194 ] كذا ثم أخذت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما الخاصرة من ذلك فاشتدت عليه حتى أغمي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وخفنا عليه وفزع الناس ، وظنوا أن به ذات الجنب ، فلددناه ثم سري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفاق ، فعرف أن قد لددناه ، ووجد اللدود ، فقال : أظننتم أن الله عز وجل سلطها علي ؟ ما كان الله عز وجل ليسلطها علي لا يبقى أحد إلا لد إلا عمي فرأيتهم يلدونهم رجلا رجلا .
قال تقول : ومن في البيت يومئذ تذكر فضلهم ، فلدوا أجمعين ، ثم بلغنا اللدود أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، فلددنا والله امرأة امرأة ، حتى بلغ اللدود امرأة منا ، فقالت : والله إني صائمة ، قالوا : بئس ما ظننت أنا نتركك وقد أقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلدوها والله يا ابن أختي وإنها لصائمة قالت له : يا ابن أختي لقد رأيت من تعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم عمه .
[ ص: 195 ]
1935 - وكما قد حدثنا ، قال : حدثنا بكار بن قتيبة الحسين بن مهدي .
وكما قد حدثنا عبيد بن رجال ، قال : حدثنا ، ثم اجتمعا فقال كل واحد منهما : حدثنا أحمد بن صالح ، قال أخبرنا عبد الرزاق عن معمر ، قال : حدثني الزهري ، عن أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قالت : أسماء ابنة عميس اشتد مرضه حتى أغمي عليه ، قالت : فتشاور نساؤه في لده فلدوه ، فلما أفاق قال : ما هذا أفعل نساء يجئن من ها هنا ؟ وأشار إلى ميمونة أرض الحبشة ، وكانت أسماء فيهن ، فقالوا : كنا نتهم بك ذات الجنب يا رسول الله ، قال : إن ذلك داء ما كان الله ليعذبني به ، لا يبقين في البيت أحد إلا لد ، إلا عم رسول الله يعني العباس ، قال : فلقد التدت يومئذ ، وإنها لصائمة لعزيمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ميمونة إن أول ما اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت .
[ ص: 196 ] ففي هذه الآثار عزيمة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالالتداد لمن في البيت ابتداء ثم أخرج منهم بعض من كان في البيت وهو العباس ، لم يحضر لدودهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حين لدوه ، وإما لإعظامه إياه حتى أخرجه من ذلك ، لمكانه منه غير أنه قد كانت العزيمة وهو في البيت ، وأخرج منها بالاستثناء المؤخر عنها ، وفيما ذكرنا ما قد دل على فساد ما قاله شريح مما ذكرناه عنه والله نسأله التوفيق .