[ ص: 427 ] 284 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيعة المهاجر وفي بيعة الأعرابي ما يلزم كل واحد منهما في بيعته التي بايعها .
1724 - حدثنا ، قال : حدثنا علي بن معبد ، قال : حدثنا موسى بن إسماعيل المنقري ، قال : حدثنا جرير بن حازم ، عن عبد الله بن لهيعة معروف بن سويد ، عن أبي عشانة ، عن { رضي الله عنه ، قال : عقبة بن عامر المدينة وأنا في غنيمة لي ، فرفضتها ثم أتيته ، فقلت : جئت أبايعك ، فقال : بيعة أعرابية تريد أو بيعة هجرة ؟ قال : قلت : بيعة هجرة ، قال : فبايعته ، وأقمت ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يوما من كان هاهنا من معد فليقم فقام رجال وقمت معهم ، فقال : لي اجلس مرتين أو ثلاثا ، فقلت : يا رسول الله ، ألسنا من معد ؟ قال : لا قلت : فممن نحن ، قال : من قضاعة بن مالك بن حمير بلغني قدوم النبي صلى الله عليه وسلم } .
[ ص: 428 ] قال : فدل ما في هذا الحديث من قول أبو جعفر عقبة : فبايعته وأقمت ، أي : بدار الهجرة ، أن البيعة من المهاجر توجب عليه الإقامة بدار الهجرة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتصرف فيما يصرفه فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمور الإسلام ، وأن البيعة الأعرابية بخلافها مما لا يوجب الإقامة على أهلها عنده . ودل على ذلك .
1725 - ما قد حدثنا ، قال : أخبرنا المزني ، قال : أخبرنا الشافعي ، عن عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي ، قال : قال أيوب السختياني : حدثنا أبو قلابة الجرمي مالك بن الحويرث أبو سليمان ، قال : { أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في ناس ونحن شببة متقاربون فأقمنا عنده عشرين ليلة ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رفيقا رحيما ، فلما ظن أنا قد اشتهينا أهلنا واشتقنا سألنا عن [ ص: 429 ] من تركنا بعدنا فأخبرنا ، فقال : ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم وعلموهم وأمروهم ، وذكر أشياء أحفظها أو لا أحفظها ، وصلوا كما رأيتموني أصلي فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم } .
قال : وكان الواجب على المتبايعين على الهجرة الإقامة بدار الهجرة في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته حتى يصرفهم هو في حياته ثم خلفاؤه رضوان الله عليهم من بعده فيما يصرفونهم فيه من غزو من بقي على الكفر ، ومن حفظ ما عسى أن يفتتحوه من بلدان أهله ، وكان رجوعهم إلى دار أعرابيتهم حراما عليهم ؛ لأنهم يكونون بذلك مرتدين عن الهجرة إلى الأعرابية ومن عاد كذلك كان ملعونا على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم . أبو جعفر
1726 - كما قد حدثنا ، قال : حدثنا بكار بن قتيبة ، قال : حدثنا حسين بن حفص الأصبهاني ، عن سفيان ، عن الأعمش عبد الله بن مرة ، عن ، [ ص: 430 ] أن الحارث بن عبد الله ، قال : { ابن مسعود محمد صلى الله عليه وسلم إلى يوم القيامة آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهده إذا علموا به والواشمة والمستوشمة للحسن ، ولاوي الصدقة ، والمرتد أعرابيا بعد هجرته ، ملعونون على لسان } .
1727 - وكما حدثنا علي بن شيبة ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا عبيد الله بن موسى العبسي ، عن سفيان ، ثم ذكر بإسناده مثله ، إلا أنه قال : { وشاهداه إذا علما به } . الأعمش
1728 - وكما حدثنا علي بن شيبة - حدثنا ، حدثنا أبو نعيم ، عن سفيان - ثم ذكر بإسناده مثله . الأعمش
1729 - وكما حدثنا ، قال : أخبرنا أحمد بن شعيب إسماعيل بن [ ص: 431 ] مسعود ، قال : حدثنا - عن خالد - يعني : ابن الحارث ، عن شعبة ، قال : سمعت سليمان عبد الله بن مرة ، ثم ذكر بإسناده مثله .
ويدخل في هذا أيضا ما قد روي { عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأعرابي الذي بايعه ، فلما وعك بالمدينة سأله أن يقيله من بيعته } .
1730 - كما قد حدثنا ، قال : أخبرنا يونس بن عبد الأعلى ، أن ابن وهب أخبره ، عن مالكا ، عن محمد بن المنكدر ، { جابر بن عبد الله بالمدينة فأتى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ، أقلني بيعتي فأبى ، ثم جاءه فقال : أقلني بيعتي فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فخرج الأعرابي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما المدينة كالكير تنفي خبثها ، وينصع طيبها أن أعرابيا بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام فأصاب الأعرابي وعك } .
قال : وهي على الإسلام ، أي : على الإسلام الذي يكون ببيعته إياه مهاجرا يجب عليه به المقام عنده ، كما يجب على المهاجرين من الإقامة عنده ليصرفه فيما يصرفه فيه ، وفيما ذكرنا ما قد بان به الفرق بين بيعة المهاجر وبين بيعة الأعرابي ، والله نسأله التوفيق . أبو جعفر