[ ص: 415 ] 282 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما كان منه عند دخول عثمان عليه بعد دخول أبي بكر وعمر عليه قبل ذلك ومن تغييره من أحواله عند دخول عثمان عليه ما لم يغيره عند دخولهما رضوان الله عليهما قبل ذلك .
1713 - حدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : أخبرنا عثمان بن عمر بن فارس ، عن ابن أبي ذئب ، عن الزهري يحيى بن سعيد - يعني : ابن العاص - عن ، عن أبيه ، { عائشة أبا بكر استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم لابس مرط أم المؤمنين فأذن له فقضى إليه حاجته ، ثم استأذن عليه عمر وهو على تلك الحال ، فقضى إليه حاجته ثم خرج فاستأذن عليه عثمان فاستوى جالسا وقال : اجمعي عليك ثيابك ، فلما خرج قالت له لعائشة : ما لك لم تفزع عائشة لأبي بكر وعمر كما فزعت لعثمان ؟ فقال : إن عثمان رجل كثير الحياء ، ولو أذنت له على تلك الحال خشيت أن لا يبلغ في حاجته أن } .
[ ص: 416 ]
1714 - حدثنا في مجلس آخر ، قال : حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا عثمان بن عمر ، عن مالك بن أنس ، عن الزهري يحيى بن سعيد ، عن ، عن أبيه ، مثله . عائشة
1715 - وحدثنا محمد بن عزيز الأيلي ، قال : حدثنا سلامة بن روح ، قال : قال : حدثني عقيل بن خالد ، قال : أخبرني ابن شهاب يحيى بن سعيد بن العاص ، أن أخبره ، سعيد بن العاص أبا بكر رضي [ ص: 417 ] الله عنه استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم أن ، ثم ذكر مثله .
1716 - حدثنا روح بن الفرج ، قال : حدثنا ، قال : حدثني يحيى بن عبد الله بن بكير ، قال : حدثني الليث بن سعد ، عن عقيل بن خالد ، عن ابن شهاب يحيى بن سعيد بن العاص ، أن أخبره ، أن سعيد بن العاص زوج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة حدثاه ، وعثمان أبا بكر استأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ، ثم ذكر مثله .
فقال قائل : فقد رويت هذا الحديث في الباب الأول ، وذكرت فيه من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في عثمان : { ألا أستحيي ممن تستحيي منه الملائكة } ، وبين ذلك وبين ما ذكرته في هذا الباب من الاختلاف ما لا خفاء به على أحد .
وذكر في ذلك
[ ص: 418 ]
1717 - ما قد حدثنا ، قال : حدثنا علي بن الحسين أبو عبيد ، قال : حدثنا الحسن بن أبي الربيع الجرجاني ، قال : حدثنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري يحيى بن سعيد ، ولم يذكر أباه عن { ، قالت : عائشة أبو بكر على النبي صلى الله عليه وسلم وأنا معه في مرط واحد ، فأذن له فقضى إليه حاجته وهو معي في المرط ثم خرج فاستأذن عمر رضي الله عنه فأذن له فقضى إليه حاجته على تلك الحال ثم خرج فاستأذن عليه عثمان فأصلح ثيابه وجلس فقضى إليه حاجته ثم خرج قالت : فقلت : يا رسول الله ، استأذن عليك عائشة أبو بكر ، فقضى إليك حاجته على حالك تلك ، ثم استأذن عليك عمر فقضى إليك حاجته على حالك تلك ، ثم استأذن عليك عثمان فكأنك احتفظت ، فقال : إن عثمان رجل حيي ، ولو أني أذنت له على تلك الحال لحسبت أن لا يقضي إلي حاجته استأذن } . قال : وليس كما يقول الكذابون : ألا أستحيي من رجل تستحيي منه الملائكة . الزهري
[ ص: 419 ] قال : ففي هذا الحديث نسبة راوي الحديث الأول الذي ذكرته في الباب الذي قبل هذا الباب ، وهو الزهري محمد بن أبي حرملة إلى الكذب في روايته هذا الحديث على قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا أستحي ممن تستحيي منه الملائكة ، فكيف يحتج بحديث من يكذبه مع جلالة مقدار الزهري . الزهري
فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه ، أن بحمد الله ونعمته من الجلالة على ما ذكر ، ولسنا نظن به أطلق مثل هذا القول في الزهري محمد بن أبي حرملة لجلالة مقدار محمد بن أبي حرملة ، ولقيه من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من لقيه وموضعه في الرضا في الأخذ عنه عن من أخذ عنه .
فمنهم إسماعيل بن جعفر قد حدث عنه . ومالك بن أنس
ما قد حدثنا ، قال : أخبرنا يونس ، أن ابن وهب أخبره ، عن مالكا محمد بن أبي حرملة مولى عبد الرحمن بن أبي سفيان بن حويطب ، توفيت زينب ابنة أبي سلمة وطارق أمير المدينة ، فأتي بجنازتها بعد صلاة الصبح فوضعت بالبقيع ، قال : وكان طارق يغلس بالصبح ، قال : ابن أبي حرملة فسمعت ، يقول لأهلها : إما أن تصلوا على جنازتكم الآن ، وإما أن تتركوها حتى ترتفع الشمس عبد الله بن عمر . [ ص: 420 ] ومنهم أن ابن عيينة .
1718 - كما قد حدثنا عبد الغني بن أبي عقيل ، قال : حدثنا ، عن سفيان بن عيينة محمد بن أبي حرملة ، عن ، عن كريب ، قال : أخبرني ابن عباس أخي الفضل أنه رأى { النبي صلى الله عليه وسلم لبى حتى رمى جمرة العقبة } .
قال : ، والذي عندنا ، والله أعلم مما نظنه أبو جعفر بالزهري في إطلاقه هذا القول فيمن روى هذا الحديث ، لم يرد به محمد بن أبي حرملة لجلالة محمد ، واستقامة حديثه وإمامته عند أهل العلم الذين حدثوا عنه ، واحتجوا بروايته ، ولكنه أراد به رجلا مجهولا قد حدث عنه بهذا الحديث وكان يكنى ابن جريج أبا خالد .
1719 - كما حدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، [ ص: 421 ] عن أبو عاصم ، قال : حدثني ابن جريج أبو خالد ، عن عبد الله بن أبي سعيد المديني ، قال : حدثتني قالت { حفصة ابنة عمر أبو بكر فاستأذن فأذن له النبي صلى الله عليه وسلم على هيئته ، ثم جاء عمر بمثل هذه الصفة ثم أناس من أصحابه والنبي صلى الله عليه وسلم على هيئته ثم جاء عثمان فاستأذن عليه ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبه ، فتجلله فتحدثوا ثم خرجوا ، فقلت : يا رسول الله ، جاء أبو بكر وعمر وعلي وناس من أصحابك ، وأنت على حالك فلما جاء عثمان تجللت ثوبك ، قال : أولا أستحيي ممن تستحيي منه الملائكة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم قد وضع ثوبه بين فخذيه فجاء } ، قال : وسمعت أبي ، وغيره يحدثون نحوا من هذا .
[ ص: 422 ] قال : فكلام أبو جعفر الذي ذكرته أنه المخاطب لنا هو عندنا على قصد الزهري به إلى الزهري أبي خالد هذا أو إلى من سواه وإلى عبد الله بن أبي سعيد وأمثاله لا إلى محمد بن أبي حرملة وأمثاله إن شاء الله ، والذي نقوله نحن أن نصحح الحديثين جميعا فنجعلهما كانا من رسول الله صلى الله عليه وسلم في يومين مختلفين أو في مرتين مختلفتين ، قال : في كل واحد منهما واحدا من القولين المذكورين فيهما ، وفي ذلك اجتماع الفضيلتين جميعا لعثمان رضي الله عنه باستحياء الملائكة منه وبحيائه في نفسه رضوان الله عليه وبالله التوفيق .