[ ص: 320 ] 201 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المراد بقول الله عز وجل : فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك
1285 - حدثنا قال : حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال : حدثنا علي بن سعيد بن شداد ، عن عبيد الله بن عمرو ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل قال : جابر بن عبد الله سعد فقالت : يا رسول الله ، هاتان ابنتا سعد بن الربيع ، قتل أبوهما معك يوم أحد شهيدا ، وإن عمهما أخذ مالهما فاستفاءه فلم يدع لهما مالا ، ولا ينكحان إلا ولهما مال ! فقال : سيقضي الله في ذلك . فأنزل الله آية الميراث ، فبعث إلى عمهما فقال : أعط ابنتي سعد الثلثين ، وأعط أمهما الثمن ، ولك ما بقي جاءت امرأة سعد بن الربيع بابنتيها من .
[ ص: 321 ] قال : وآية الميراث المذكورة في هذا الحديث هي قول الله عز وجل : أبو جعفر يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك . الآية .
1286 - حدثنا يونس قالا : حدثنا وبحر بن نصر قال : وأخبرني عبد الله بن وهب داود بن قيس ، عن ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب جابر بن عبد الله سعدا هلك وترك ابنتيه وأخاه ، فعمد أخوه فقبض ما ترك سعد ، وإنما تنكح النساء على أموالهن ، فلم يجبها في مجلسه ذلك .
ثم جاءته ، فقالت : يا رسول الله ، ابنتا سعد ! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ادعي أخاه . فجاء فقال : ادفع إلى ابنتيه الثلثين ، وإلى امرأته الثمن ، ولك ما بقي أن امرأة سعد بن الربيع قالت : يا رسول الله ، إن .
قال : فتأملنا قوله عز وجل : أبو جعفر فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك فكان ظاهره على أن الثلثين في هذه الآية إنما جعل لمن فوق الاثنتين من البنات لا الاثنتين منهن ، وكان ذلك مما قد تعلق به قوم ، وذهبوا إلى ما يروى عن عبد الله بن عباس في الاثنتين من البنات أن لهما النصف من ميراث أبيهما كما يكون للواحدة من البنات [ ص: 322 ] من ميراث أبيهما ، وأن الثلثين إنما يستحق في ذلك من البنات من كان عدده فوق الاثنتين ثلاث أو أكثر من ذلك . وهذا قول لم نجده عند أحد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سوى عبد الله بن عباس .
ووجدنا قول فقهاء الأمصار من بعد عبد الله بن عباس إلى يومنا هذا على خلاف ما روي عن فيه ، وكان قول الله عز وجل : ابن عباس فوق اثنتين في هذا عندهم في معنى : فإن كن نساء اثنتين . وقوله : فوق صلة كما قال الله عز وجل : فاضربوا فوق الأعناق في معنى : فاضربوا الأعناق .
وقال : فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب وهي الأعناق ، وفوق صلة ؛ لأن ما فوق الأعناق هو عظام الرأس ، وليست الأعناق منها في شيء . والضرب المراد بذلك المستعمل فيه هو ضرب الأعناق لا ما سواها .
ووجدنا ما قد دل على ما قالوا من توريثهم البنتين الثلثين ما في آخر السورة المذكورة فيها هذه الآية ، وهي سورة النساء وهي قوله عز وجل : يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك إلى قوله عز وجل : فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك . فكان عز وجل قد جعل للأخت الواحدة من ميراث أختها في هذه الآية كما جعل للبنت الواحدة من ميراث أبيها في الآية الأخرى ، وكانت البنت أوكد نسبا من أبيها من الأخت من أختها .
ثم قال عز وجل : فإن كانتا اثنتين يعني من الأخوات فلهما الثلثان مما ترك يعني : ما تركه أخوهما . فلما كان للاثنتين من الأخوات الثلثان مما تركه أخوهما كانت الاثنتان من البنات فيما تركه أبوهما بذلك أولى واستحقاقهما إياه منه أحرى ، والله نسأله التوفيق .