[ ص: 282 ] 192 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قوله جوابا لابن عمر لما سأله عن أخذه الدنانير بالدراهم والدراهم بالدنانير في البيع : إذا كان ذلك من صرف يومكما وافترقتما ، وليس بينكما شيء - فلا بأس
1246 - حدثنا قال : حدثنا أبو أمية قال : حدثنا عبيد الله بن موسى العبسي يعني : عن إسرائيل بن يونس ، عن سماك بن حرب ، عن سعيد بن جبير قال : ابن عمر ، فقلت : يا رسول الله ، رويدك أسألك ! إني أبيع الإبل بالنقيع فأبيع بالدنانير وآخذ الدراهم ، وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير ! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إذا كان ذلك من صرف يومكما ، وافترقتما ، وليس بينكما شيء - فلا بأس حفصة أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في حجرة .
1247 - حدثنا قال : حدثنا يزيد بن سنان قال : [ ص: 283 ] حدثنا محمد بن كثير ، ثم ذكر بإسناده مثله غير أنه قال : لا بأس إذا أخذت بسعر يومك . إسرائيل
1248 - حدثنا صالح بن عبد الرحمن الأنصاري قال : حدثنا ( ح ) وحدثنا أبو عبد الرحمن المقرئ قال : حدثنا يونس ( ح ) ، وحدثنا يحيى بن حسان قالوا : حدثنا يزيد بن سنان أبو الوليد الطيالسي وعبيد الله بن محمد التيمي وعبد الملك بن إبراهيم الجدي ، وحدثنا محمد بن العباس بن الربيع اللؤلؤي قال : حدثنا ، ثم اجتمعوا جميعا فقال كل واحد منهم : حدثنا إسماعيل بن مسلمة القعنبي أبو بشر ، عن حماد بن سلمة ، عن سماك ، عن سعيد بن جبير . ابن عمر
ثم ذكروا جميعا مثله ، غير أن بعضهم جاء به على لفظ حديث أبي أمية ، وجاء به بعضهم على لفظ حديث يزيد ، عن محمد بن كثير .
فقال قائل : ما معنى سعر اليوم الذي يتصارفان فيه ، وقد رأينا البياعات تجوز بين الناس في مثل هذا بسعر يومها وبأكثر من سعر يومها ، وبأقل من سعر يومها لا اختلاف بين أهل العلم في ذلك وفي جوازه وفي استقامته ؟ فما بال سعر يومها التمس في هذا الحديث ؟
[ ص: 284 ] فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله جل وعز وعونه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دل في سؤاله إياه عما سأله عنه في هذا الحديث على الورع الذي يجب على الناس استعماله فيما سأله عنه ، وإن كان الأمر لو جرى بخلافه فيما سأله عنه لم يمنع ذلك من جواز البيع ووجوبه ، وذلك أن من كانت له دنانير على رجل أو كانت له دراهم فجاء يطلبها منه ، فبدل له مكان الدنانير دراهم أو مكان الدراهم دنانير ، ودعاه إلى أخذها بالذي له عليه من خلافها - جاز أن يكون يريد منه أن يهضمه مما له عليه بإعطائه به غيره ، وتدعو الضرورة صاحب الدين إلى أخذ ذلك ، واحتمال الضيم فيه والهضيمة من دينه ، فعلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عبد الله بن عمر ما يكون إذا فعله بخلاف ذلك ، وأن يكون يعتبر سعر يومه فيما يعطيه غريمه بما له عليه من خلاف جنس ما يعطيه . ابن عمر
فإن كان ما يعطيه سعر يومه يهنأ لغريمه أن يتحول عنه بما يأخذه منه إلى من سواه من الباعة ، فيعطيه ذلك بمثل دينه الذي كان له على غريمه ، فينصرف موفورا ، ويصير أخذه ذلك من غير غريمه كأخذه إياه من غريمه ؛ لأنه قد عاد إليه مثل الذي كان له على غريمه . واستوى أخذه إياه من غير غريمه ، وأخذه إياه لو أخذه من غريمه .
وإذا أعطاه بغير سعر يومه خلاف دينه مما إذا تحول به إلى غيره من الباعة ، ثم طلب منه أن يعطيه به مثل دينه الذي كان له على غريمه - لم يعطه ذلك ؛ لما عليه فيه من الهضيمة ، فعلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التورع من ذلك ، واستعمال ما لا هضيمة فيه على غريمه ، وما يستطيع غريمه أن يتعوض به من غيره مثل دينه لا ما يستطيع ذلك . عبد الله بن عمر
وهذه حكمة جليلة لا يحتملها إلا الله عز وجل ، وهي التي ينبغي لذوي المعاملات أن لا يعدوها في معاملاتهم إلى ما سواها من أضدادها ، والله نسأله التوفيق .