[ ص: 229 ] 186 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قوله : وارفعوا عن بطن عرنة ، يعني في الوقوف
1194 - حدثنا قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن يونس البغدادي قال : حدثنا أبو الأشعث أحمد بن المقدام العجلي ، عن ابن عيينة ، عن زياد بن سعد ، عن أبي الزبير أبي معبد ، عن قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ابن عباس عرفة كلها موقف ، وارفعوا عن بطن عرنة . والمزدلفة كلها موقف ، وارفعوا عن بطن محسر . وشعاب منى كلها منحر .
[ ص: 230 ] قال : ولم نجد هذا الحديث من رواية أحد من أصحاب أبو جعفر في إسناده أتم منه من رواية ابن عيينة أبي الأشعث . وقد حدثنا به ناقصا في إسناده وفي متنه جميعا . عيسى بن إبراهيم الغافقي
1195 - حدثنا قال : حدثنا عيسى بن إبراهيم ، عن سفيان بن عيينة ولم يذكر أبي الزبير زيادا ، عن أبي معبد ، عن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ابن عباس محسر ، وعليكم بحصى الخذف ارفعوا عن .
[ ص: 231 ] قال : فاحتجنا إلى الوقوف على قوله - صلى الله عليه وسلم - : ارفعوا عن أبو جعفر بطن عرنة ؛ ما الذي يريد به ؟ هل هو لأن بطن عرنة ليس من عرفة التي يوقف بها للحج ؟ أم لغير ذلك . ؟
1196 - فوجدنا قد حدثنا قال : حدثنا بكار بن قتيبة قال : حدثنا أبو أحمد محمد بن عبد الله بن الزبير الأسدي الكوفي ، عن سفيان الثوري عبد الرحمن بن الحارث بن عياش بن أبي ربيعة ، عن ، عن زيد بن علي ، عن أبيه عبيد الله بن أبي رافع ، عن رضي الله عنه قال : علي بن أبي طالب بعرفة فقال : هذه عرفة وهذا الموقف وعرفة كلها موقف ، وجمع كلها موقف وقف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
[ ص: 232 ]
1197 - ووجدنا قد حدثنا قال : حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال : حدثني عبد الله بن وهب أن أسامة بن زيد الليثي حدثه أنه سمع عطاء بن أبي رباح يحدث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : جابر بن عبد الله عرفة موقف ، وكل المزدلفة موقف كل .
1198 - ووجدنا محمد بن عمرو بن تمام الكلبي أبا الكروس قد حدثنا قال : حدثنا قال : حدثني يحيى بن عبد الله بن بكير ميمون بن يحيى بن مسلم بن الأشج ، عن مخرمة بن بكير بن عبد الله بن الأشج ، عن قال : سمعت أبيه يقول : سمعت أسامة بن زيد عبد الله بن أبي حسين يخبر عن عطاء بن أبي رباح وعطاء جالس يسمع قال : قال : سمعت عطاء يقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : جابر بن عبد الله السلمي عرفة موقف ، وكل المزدلفة موقف ، وكل منى منحر ، وكل فجاج مكة طريق ومنحر كل .
[ ص: 233 ]
1199 - ووجدنا قد حدثنا قال : حدثنا أحمد بن شعيب قال : حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي قال : حدثنا يحيى بن سعيد قال : حدثني جعفر بن محمد قال : أبي فسألناه عن حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - فحدثنا أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قال : جابر بن عبد الله عرفة كلها موقف أتينا .
قال : فاحتجنا إلى أن نقف على المعنى الذي به أمر بالرفع عن أبو جعفر بطن عرنة ما المراد به . ؟
1200 - فوجدنا قد حدثنا قال : حدثنا أبا أمية محمد بن زياد بن زبار الكلبي قال : حدثنا شرقي بن قطامي ، عن أبي طلق العائذي ، عن شراحيل بن القعقاع قال : [ ص: 234 ] سمعت عمرو بن معدي يقول : ببطن عرنة نتخوف أن يخطفنا الجن ، فقال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أجيزوا إليهم ؛ فإنهم إن أسلموا إخوانكم كنا عشية عرفة .
قال : هكذا حدثناه أبو جعفر أبو أمية ؛ فإنهم إن أسلموا إخوانكم ، وهو عندنا - والله أعلم - فإنهم إذ أسلموا إخوانكم ، أي إذ صاروا مسلمين .
فكان في هذا الحديث أنهم كانوا يقفون عشية عرفة ببطن عرنة خوفا منهم على أنفسهم أن يخطفهم الجن ، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرهم أن يجيزوا إليهم أي ما سوى بطن عرنة من عرفة ، وهي المواضع التي كانت الجن فيها قبل ذلك ، وكانوا يتخوفون إن وقفوا بها من غوائلهم ما كانوا يتخوفونه ، فأعلمهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أنهم إخوانهم ؛ إذ قد أسلموا وفي ذلك ما قد دل على أن أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - الناس بذلك كان بعد إسلام الجن .
[ ص: 235 ] فإن قال قائل : أفيجوز أن يكون الجن كانوا قبل إسلامهم يحجون ؟ قيل له : وما تنكر من ذلك ؟ قد كان كفار الآدميين يحجون كما يحج المسلمون حتى نسخ الله ذلك بقوله : إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا .
وكان ذلك النسخ مما كان من النذارة التي أنذروا بها في الحجة التي حجها أبو بكر وسنذكر ذلك ، وما قد روي عنه فيه في موضعه مما بعد من كتابنا هذا إن شاء الله . والله نسأله التوفيق .