[ ص: 191 ] فصل ( ) . ما ينبغي أن يتصف به الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر
وينبغي أن يكون الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر متواضعا ، رفيقا فيما يدعو إليه شفيقا رحيما غير فظ ولا غليظ القلب ، ولا متعنتا ، حرا ويتوجه أن العبد مثله وإن كان الحر أكمل ، عدلا فقيها ، عالما بالمأمورات والمنهيات شرعا ، دينا نزها ، عفيفا ذا رأي وصرامة وشدة في الدين ، قاصدا بذلك وجه الله عز جل ، وإقامة دينه ، ونصرة شرعه ، وامتثال أمره ، وإحياء سننه ، بلا رياء ولا منافقة ولا مداهنة غير متنافس ولا متفاخر ، ولا ممن يخالف قوله فعله ، ويسن له العمل بالنوافل والمندوبات والرفق ، وطلاقة الوجه وحسن الخلق عند إنكاره ، والتثبيت والمسامحة بالهفوة عند أول مرة .
قال إنه سمع حنبل أبا عبد الله يقول والناس يحتاجون إلى مداراة ورفق ، الأمر بالمعروف بلا غلظة إلا رجل معلن بالفسق فقد وجب عليك نهيه وإعلامه لأنه يقال ليس لفاسق حرمة فهؤلاء لا حرمة لهم . وسأله مهنا هل يستقيم أن يكون ضربا باليد إذا أمر بالمعروف قال الرفق . ونقل يعقوب أنه سئل عن الأمر بالمعروف قال كان أصحاب يقولون مهلا رحمكم الله . ونقل عبد الله بن مسعود مهنا ينبغي أن يأمر بالرفق والخضوع قلت كيف قال إن أسمعوه ما يكره لا يغضب فيريد أن ينتصر لنفسه . وسأله أبو طالب إذا أمرته بمعروف فلم ينته قال دعه إن زدت عليه ذهب الأمر بالمعروف وصرت منتصرا لنفسك فتخرج إلى الإثم ، فإذا أمرت بالمعروف فإن قبل منك وإلا فدعه .
وقال أخبرني أبو بكر الخلال حدثنا الميموني [ ص: 192 ] حدثنا ابن حنبل عن معمر بن سليمان فرات بن سلمان عن أن ميمون بن مهران عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز قال له يا أبت ما يمنعك أن تمضي لما تريده من العدل فوالله ما كنت أبالي لو غلت بي وبك القدور في ذلك قال يا بني إني إنما أروض الناس رياضة الصعب ، إني أريد أن أحيي الأمر من العدل فأؤخر ذلك حتى أخرج منه طمعا من طمع الدنيا فينفروا من هذه ويسكنوا لهذه .
وأخبرني محمد بن أبي هارون سمعت أبا العباس قال صلى بأبي عبد الله يوما جوين فكان إذا سجد جمع ثوبه بيده اليسرى وكنت بجنبه فلما صلينا قال لي وقد خفض من صوته قال النبي صلى الله عليه وسلم { } فلما قمنا قال لي إذا قام أحدكم في الصلاة فلا يكف شعرا ولا ثوبا جوين أي شيء كان يقول لك قلت قال لي كذا وكذا وما أحسب المعنى إلا لك .
وروى قيل الخلال الرجل يرى من الرجل الشيء ويبلغه عنه أيقول له ؟ قال هذا تبكيت ولكن تعريض وقد روى لإبراهيم بن أدهم عن أبو محمد الخلال مرفوعا { أسامة بن زيد لا ينبغي لأحد أن يأمر بالمعروف حتى يكون فيه ثلاث خصال عالما بما يأمر ، عالما بما ينهى ، رفيقا فيما يأمر ، رفيقا فيما ينهى } .
وعن مرفوعا { أسامة } . رواه يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه فيدور بها كما يدور الحمار في الرحا فيجتمع إليه أهل النار فيقولون يا فلان مالك ؟ ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ؟ فيقول بلى كنت آمر بالمعروف ولا آتيه ، وأنهى عن المنكر وآتيه أحمد والبخاري وزاد وسمعته يقول { ومسلم جبريل قال خطباء أمتك الذين يقولون ما لا يفعلون } وهذه الزيادة لأحمد من حديث مررت ليلة أسري بي بأقوام تقرض شفاههم بمقاريض من نار قلت من هؤلاء يا وفيه قال { أنس } خطباء من أهل الدنيا ممن كانوا يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون
الاندلاق الخروج ، والأقتاب الأمعاء . .
وعن قال { أنس } قال قيل يا رسول الله متى يترك الأمر بالمعروف والنهي [ ص: 193 ] عن المنكر قال إذا ظهر فيكم ما ظهر في الأمم قبلكم قلنا وما ظهر في الأمم قبلنا قال الملك في صغاركم والفاحشة في كباركم والعلم في رذالتكم زيد تفسيره إذا كان العلم في الفاسق رواه أحمد . وابن ماجه
قال ابن الجوزي من لم يقطع الطمع من الناس من شيئين لم يقدر على الإنكار ( أحدهما ) من لطف ينالونه به ( والثاني ) عن رضاهم عنه وثنائهم عليه قال أخبرني الخلال عمر بن صالح قال : قال لي أبو عبد الله يا أبا حفص يأتي على الناس زمان المؤمن بينهم مثل الجيفة ، ويكون المنافق يشار إليه بالأصابع ، فقلت وكيف يشار إلى المنافق بالأصابع ؟ قال صيروا أمر الله عز وجل فضولا قال المؤمن إذا رأى أمرا بمعروف أو نهيا عن منكر لم يصبر حتى يأمر وينهى . يعني قالوا هذا فضول ، قال والمنافق كل شيء يراه قال بيده على أنفه فيقال نعم الرجل ليس بينه وبين الفضول عمل ، وسمعت يقول إذا رأيتم اليوم شيئا مستويا فتعجبوا . أحمد بن حنبل