[ ص: 155 ] فصل ( ) . مخاطبة الناس على قدر عقولهم
قال المروذي : سألت أبا عبد الله عن شيء من أمر العدل فقال : لا تسأل عن هذا فإنك لا تدركه قال في الفنون : حرام على عالم قوي الجوهر أدرك بجوهريته وصفاء نحيزته علما أطاقه فحمله أن يرشح به إلى ضعيف لا يحمله ولا يحتمله ، فإنه يفسده ، ولهذا قال عليه السلام { ابن عقيل نحن معاشر الأنبياء أمرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم } انتهى كلامه . وهذا الخبر رواه من أصحابنا في كتاب العقل له بإسناده عن أبو الحسن التميمي رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { ابن عباس نحن معاشر الأنبياء نخاطب الناس على قدر عقولهم } .
وقال واكمداه من مخافة الأغيار ، واحصراه من أجل استماع ذي الجهالة للحق والإنكار ، والله ما زال خواص عباد الله يتطلبون لتروحهم رءوس الجبال ، والبراري والقفار ، لما يرونه من المنكرين لشأنهم من الأغمار ، والسفير الأكبر يهرب من فرش الزوجات إلى خلوة بمسجد للتروح بتلك المناجاة ، فلا ينبغي للعاقل أن ينكر تكدير عيشة . ابن عقيل :
وقال أيضا : وقد يكون الإنسان مسلما إلى أن يضيق به عيش ، وإنما ديننا مبني على شعث الدنيا وصلاح الآخرة . فمن طلب به العاجلة أخطأه .
وروى الحافظ ضياء الدين في المختارة من رواية أحمد بن زياد العتكي ثنا الأسود بن سالم ثنا أبو عبد الرحمن يزيد بن يزيد الزراد عن محمد بن عجلان عن عن نافع عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { ابن عمر أمرنا معشر الأنبياء أن نكلم الناس على قدر عقولهم } ثم قال الحافظ الضياء الزراد : لم يذكره ابن أبي حاتم ولا الحاكم أبو أحمد في كتابه الكنى .
وقال ابن الجوزي : ولا ينبغي أن يملي ما لا يحتمله عقول العوام .
وقال قال البخاري : [ ص: 156 ] حدثوا الناس بما يعرفون ودعوا ما ينكرون ، أتحبون أن يكذب الله ورسوله . علي رضي الله عنه
وقال ما أنت بمحدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان فتنة لبعض ، رواه ابن مسعود : في المقدمة وعزاه بعضهم إلى مسلم . البخاري
وروى عن البخاري المقداد بن معدي كرب مرفوعا { } وسبق بنحو كراسة الكلام في القصاص وما يتعلق بهم وله تعلق بهذا . إذا حدثتم الناس عن ربهم فلا تحدثوهم ما يعزب عنهم ويشق عليهم
وروى في تاريخه بإسناده عن الحاكم أبي قدامة عن قال : سئل النضر بن شميل عن مسألة فأبطأ بالجواب فيها قال : فقلت ما في هذه المسألة كل هذا النظر قال : فرغت من المسألة وجوابها ولكني أريد أن أجيبك جوابا يكون أسرع إلى فهمك قال الخليل أبو قدامة : فحدثت به أبا عبيد فسر به .
وفي تاريخ عبد الله بن جعفر السرخسي أبو محمد الفقيه أخبرني محمد بن حامد ثنا سمعت عبد الله بن أحمد الربيع سمعت يقول : لو أن الشافعي محمد بن الحسن كان يكلمنا على قدر عقله ما فهمنا عنه لكنه كان يكلمنا على قدر عقولنا فنفهمه .
وروى عن { مسلم قزعة قال : أتيت وهو مكثور عنده ، أي : عنده ناس كثيرون ، فلما تفرق الناس عنه قلت : أسألك عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ما لك في ذلك من خير . فأعاد عليه فأجابه أبا سعيد الخدري } . وذكر الحديث قال في شرح : معناه أنك لا تستطيع الإتيان بمثلها ، وإن تكلفت ذلك شق عليك ولم تحصله ، فتكون قد علمت السنة وتركتها . وسبق ما يتعلق بهذا في رمي العالم المسألة وسؤال الناس له . مسلم
وقال أخبرت محمد بن عبد الله بن عبد الحكم يوما بحديث وأنا غلام فقال من حدثك ؟ فقلت : أنت قال : ما حدثتك من شيء ، فهو كما حدثتك ، وإياك والرواية عن الأحياء . الشافعي