وروى المروذي عن الحسن ليس كف الأذى ، حسن الجوار الصبر على الأذى . حسن الجوار
ورواه في الأدب له عن أبو حفص العكبري الشعبي .
وفي الصحيحين من حديث ومن حديث عائشة { ابن عمر جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه } وفيهما من حديث ما زال { أبي هريرة } . من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه أيضا { ولمسلم } رواه أيضا من حديث فليحسن إلى جاره أبي شريح العدوي { ولأحمد } فليكرم جاره من حديث ولأحمد { عبد الله بن عمر } . فليحفظ جاره
وفي الصحيحين من حديث { أبي هريرة } والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقه أيضا { ولمسلم } . لا يدخل الجنة
وروى أبو داود ثنا الربيع بن نافع بن توبة ثنا سليمان بن حبان عن محمد بن عجلان عن أبيه عن قال { أبي هريرة } . إسناده جيد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشكو جاره فقال اذهب فاصبر فآتاه مرتين أو ثلاثا فقال اذهب فاطرح متاعه في الطريق فطرح متاعه في الطريق فجعل الناس يسألونه فيخبرهم خبره فجعل الناس يلعنونه : فعل الله به وفعل ، فجاء إليه جاره فقال له ارجع لا ترى مني شيئا تكرهه ومحمد حسن الحديث وله أيضا وللترمذي وقال حسن غريب عن أنه ذبح شاة فقال أهديتم لجارنا اليهودي ؟ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { عبد الله بن عمرو جبريل } الحديث . ما زال
وقال في التاريخ في الكنى : البخاري أبو عمر هو البجلي قال علي بن حكيم الأودي ثنا شريك عن أبي عمر عن أبي جحيفة قال { } وقال شكا رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم جاره فقال احمل متاعك فضعه على الطريق [ ص: 15 ] فمن مر به يلعنه فجاء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال ما لقيت من الناس قال لعنة الله فوق لعنتهم كان ابن عبد البر داود عليه السلام يقول اللهم إني أعوذ بك من جار سوء عينه تراني وقلبه لا ينساني .
وقال مكتوب في التوراة : إن أحسد الناس للعالم وأبغاهم عليه قرابته وجيرانه وقال أبو الدرداء عكرمة أزهد الناس في عالم جيرانه وقال وغيره عن البيهقي : في الكتاب المنزل الأول أزهد الناس في عالم جيرانه . قال كعب الأحبار وروي مرفوعا ولا يصح قال الحسن البصري وقال رجل ابن عبد البر والله إني أحبك : فقال ولم لا تحبني ولست لي بجار ولا ابن عم ؟ كان يقال الحسد في الجيران والعداوة في الأقارب . لسعيد بن العاص
قال الشاعر :
أنت حلي وأنت حرمة جاري وحقيق علي حفظ الجوار إن للجار إن تغيب عينا
حافظا للمغيب والأسرار ما أبالي إن كان للباب ستر
مسبل أم بقي بغير ستار
وقال آخر :
ناري ونار الجار واحدة وإليه قبلي تنزل القدر
ما ضر جارا لي أجاوره أن لا يكون لبابه ستر
أعمى إذا ما جارتي برزت حتى تواري جارتي الجدر
وقال آخر :
أقول لجاري إذ أتأني معاتبا مدلا بحق أو مدلا بباطل
إذا لم يصل خيري وأنت مجاور إليك فما شري إليك بواصل
ومن كلام رضي الله عنه الجار قبل الدار والرفيق قبل الطريق . أخذه الشاعر فقال : علي بن أبي طالب
يقولون قبل الدار جار موافق وقبل الطريق النهج أنس رفيق
اطلب لنفسك جيرانا تجاورهم لا تصلح الدار حتى يصلح الجار
يلومونني إذ بعت بالرخص منزلا ولم يعرفوا جارا هناك ينغص
فقلت لهم كفوا الملام فإنها بجيرانها تغلو الديار وترخص
سقيا ورعيا لأقوام نزلت بهم كأن دار اغترابي عندهم وطني
إذا تأملت من أخلاقهم خلقا علمت أنهم من حلية الزمن
وقال آخر :
إذا ما رفيقي لم يكن خلف ناقتي له مركب فضل فلا حملت رحلي
ولم يك من زادي له نصف مزودي فلا كنت ذا زاد ولا كنت ذا رحل
شريكين فيما نحن فيه وقد أرى علي له فضلا بما نال من فضلي
نزلت على آل المهلب شائنا غريبا عن الأوطان في بلد محل
فما زال بي إكرامهم وافتقادهم وبرهمو حتى حسبتهمو أهلي
ثلاثة لا يأنف الكريم من القيام عليهن : أبوه وضيفه ودابته ويأتي هذا المعنى في مخالطة السلطان قبل فصول اللباس [ ص: 17 ] خمسة أشياء تقبح في خمسة أصناف : الحدة في السلطان ، وقلة الحياء في ذوي الأحساب ، والبخل في ذوي الأموال ، والفتوة في الشيوخ ، والحرص في العلماء والقراء .
وفيهما أيضا من حديثه { } . يا نساء المؤمنات لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة
وللترمذي { } . تهادوا فإن الهدية تذهب وحر الصدر ، ولا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة
الفرسن العظم قليل اللحم وهو خف البعير أيضا كالحافر للدابة وقد يستعار للشاة وهو الظلف . ونونه زائدة وقيل أصلية ، ووحر الصدر بالتحريك غشه ووسواسه . من حديث ولأحمد : لا يشبع الرجل دون جاره . قال في المستوعب : وحسن الجوار مأمور به فإن للجار حقا وحرمة ثم ذكر كما ذكر الحسن وزاد في آخره ما لم يعص الله تعالى . وجاء رجل إلى عمر أبي العباس أحمد بن يحيى بن ثعلب يشاوره في الانتقال عن محلة إلى أخرى لتأذي الجوار ، فقال العرب تقول صبرك على أذى من تعرفه خير لك من استحداث من لا تعرفه وكان الشيخ تقي الدين يقول هذا المعنى أيضا .
وروى في مناقب الإمام البيهقي عن أحمد عثمان بن زائدة قال العافية عشرة أجزاء تسعة منها في التغافل . فحدثت به فقال العافية عشرة أجزاء كلها في التغافل . أحمد بن حنبل
وروى عن أحمد عن عبد الرزاق عن معمر قال ما كثرت النعم على قوم قط إلا كثر أعداؤها . وقد ذكرت خبر قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { حذيفة } وقال بعضهم : لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه قالوا يا رسول الله وكيف يذل نفسه ؟ قال يتعرض من البلاء ما لا يطيق
إن الهوان حمار الموت يألفه والحر ينكره والفيل والأسد [ ص: 18 ]
ولا يقيم بدار الذل يألفها إلا الذليلان عبد السوء والوتد
هذا على الخسف مربوط برمته وذا يشج فلا يرثي له أحد
إذا كنت في دار يهينك أهلها ولم تك مكبولا بها فتحول
لا تأسفن على خل تفارقه إن الأقاصي قد تدنو فتأتلف
فالناس مبتذل والأرض واسعة فيها مجال لذي لب ومنصرف
إذا ما الحر هان بأرض قوم فليس عليه في هرب جناح
وقد هنا بأرضكم وصرنا كقيء الأرض تذروه الرياح
وإذا الديار تنكرت عن حالها فدع الديار وأسرع التحويلا
ليس المقام عليك حقا واجبا في منزل يدع العزيز ذليلا
وكنت إذا ضاقت علي محلة تيممت أخرى ما علي تضيق
وما خاب بين الله والناس عامل له في التقى أو في المحامد سوق [ ص: 19 ]
ولا ضاق فضل الله عن متعفف ولكن أخلاق الرجال تضيق
إذا كنت في دار فحاولت رحلة فدعها وفيها إن أردت معاد
اصبر على حدث الزمان فإنما فرج الشدائد مثل حل عقال
فإذا خشيت تعذرا في بلدة فاشدد عليك بعاجل الترحال
إن المقام على الهوان مذلة والعجز آفة حيلة المحتال
لا يمنعنك خفض العيش في دعة نزوع نفس إلى أهل وأوطان
تلقى بكل بلاد إن نزلت بها أهلا بأهل وجيرانا بجيران
وقائلة مالي أراك مرحلا فقلت لها صبرا واسمعي القول مجملا
تنكر من كنا نسر بقربه وعاد زعاقا بعد ما كان سلسلا
وحق لجار لم يوافقه جاره ولا لايمته الدار أن يترحلا
أليس بحزم من له الظل مقعد إذا أدركته الشمس أن يتحولا
بليت بحمص والمقام ببلدة طويلا لعمري مخلق يورث البلا
إذا هان حر عند قوم أتاهم ولم ينأ عنهم كان أعمى وأجهلا
ولم تضرب الأمثال إلا لعالم ولا غرب الإنسان إلا ليعقلا
طعامي طعام الضيف والرحل رحله ولم يلهني عنه غزال مقنع
أحدثه إن الحديث من القرى وتعلم نفسي أنه سوف يهجع
يستأنس الضيف في أبياتنا أبدا فليس يعلم خلق أينا الضيف
يغشون حتى ما تهر كلابهم لا يسألون عن السواد المقبل
وقد عرفت كلابهم ثيابي كأني منهم ونسيت أهلي
أضاحك ضيفي قبل إنزال رحله ويخصب عندي والمحل جديب
وما الخصب للأضياف أن يكثر القرى ولكنما وجه الكريم خصيب
ضيفك قابله ببشرك وليكن له منك أبكار الحديث وعونه
تراهم خشية الأضياف خرسا يصلون الصلاة بلا أذان
ذريني فإن الشح يا أم مالك لصالح أخلاق الرجال سروق
ذريني وحظي في هواني إنني على الحسب العالي الرفيع شفيق