[ ص: 74 ] فصل ( في ) . النهي عن الأغلوطات والمغالطة وسوء القصد بالأسئلة
روى الأوزاعي عن ولم يرو عنه غير عبد الله بن سعد الأوزاعي فلهذا قيل مجهول وقال في الثقات يخطئ عن ابن حبان عن الصنابحي مرفوعا عنه { معاوية } رواه نهى عليه السلام عن الغلوطات أبو داود .
ورواه غيره الأغلوطات قال الأوزاعي شذاذ المسائل وصعابها ، واحدة الأغلوطات أغلوطة وهي التي يغالط بها وتجمع أيضا على أغاليط لقول عن حذيفة حدثته حديثا ليس بالأغاليط . عمر
قال : شرار عباد الله ينتقون شرار المسائل يعمون بها عباد الله وقال الحسن البصري قال رجل مالك للشعبي إني خبأت لك مسائل ، فقال : أخبئها لإبليس حتى تلقاه فتسأله عنها وقال : العلم والحكمة نور يهدي الله به من يشاء وليس بكثرة المسائل وقال مالك قال بعضهم ما تعلمت العلم إلا لنفسي ما تعلمته ليحتاج إلي الناس . مالك
وذكر أن صاحب ابن عبد البر الروم كتب إلى يسأله عن أفضل الكلام وما هو ؟ والثاني والثالث والرابع ، وكتب إليه يسأله عن أكرم الخلق على الله عز وجل ، وعن أكرم الإماء على الله ، وعن أربعة من الخلق لم يركضوا في رحم . وعن قبر سار بصاحبه ، وعن المجرة وعن القوس ، وعن مكان طلعت فيه الشمس لم تطلع فيه قبل ذلك ولا بعده . معاوية
فلما قرأ الكتاب قال : أخزاه الله وما علمي بما ههنا ؟ قيل اكتب إلى معاوية فكتب إليه يسأله عن ذلك فكتب إليه ابن عباس أفضل الكلام لا إله إلا الله كلمة الإخلاص لا عمل إلا بها ، والتي تليها سبحان الله وبحمده صلاة الخلق . والتي تليها الحمد لله كلمة الشكر ، والتي تليها الله أكبر فاتحة الصلوات والركوع والسجود ، وأكرم الخلق على الله ابن عباس آدم عليه السلام .
[ ص: 75 ] وأكرم الإماء على الله مريم عليها السلام ، وأما الأربعة الذين لم يركضوا في رحم فآدم وحواء والكبش الذي فدي به وعصا إسماعيل موسى حيث ألقاها فصارت ثعبانا مبينا ، وأما القبر الذي سار بصاحبه فهو الحوت الذي التقم يونس ، وأما المجرة فباب السماء ، وأما القوس فإنها أمان لأهل الأرض من الغرق بعد نوح ، وأما المكان الذي طلعت فيه الشمس ولم تطلع فيه قبله ولا بعده فالمكان الذي انفجر من البحر لبني إسرائيل مع موسى عليه السلام .
فلما قدم عليه الكتاب أرسله إلى ملك الروم فقال : لقد علمت أن لم يكن له بهذا علم وما أصاب هذا إلا رجل من أهل بيت النبوة . كذا ذكر معاوية هذا الأثر ، وبعضه صحيح وبعضه باطل وما ذكره في ابن عبد البر آدم ومريم فبعضه الله به وبغيره أعلم .
وبعث ملك الروم إلى بقارورة فقال ابعث لي فيها من كل شيء فبعث إلى معاوية فقال : تملأ ماء ، فلما ورد به على ملك ابن عباس الروم قال له أخوه : ما أهداه فقيل : كيف اخترت ذلك قال : لقوله تعالى { لابن عباس وجعلنا من الماء كل شيء حي } والله أعلم .
وعن قال قال لي يحيى بن أكثم من تركت المأمون بالبصرة ؟ فوصف له مشايخ منهم فقلت هو ثقة حافظ للحديث عاقل في نهاية الستر والصيانة فأمرني بحمله إليه فكتبت إليه فقدم فأدخلته إليه وفي المجلس سليمان بن حرب ابن أبي داود وثمامة وأشباه لهما فكرهت أن يدخل مثله بحضرتهم ، فلما دخل سلم فأجابه ورفع مجلسه ودعا له المأمون سليمان بالعز والتوفيق ، فقال ابن أبي داود يا أمير المؤمنين نسأل الشيخ عن مسألة ؟ فنظر إليه نظرة تخيير له فقال يا أمير المؤمنين : ثنا المأمون قال : قال رجل حماد بن زيد لابن شبرمة : أسألك ؟ قال : إن كانت مسألتك لا تضحك الجليس ولا تزري بالمسئول فسل ، وثنا وهب قال : قال : من المسائل ما لا ينبغي للسائل أن يسأل عنها ولا للمجيب أن يجيب [ ص: 76 ] عنها ، فإن كانت مسألته من غير هذا فليسأل قال فهابوه فما نطق أحد منهم حتى قام وولاه قضاء إياس بن معاوية مكة فخرج إليها .
وفي الصحيحين أن سأله رجل كيف تقرأ هذا الحرف ألفا أم ياء من ماء غير آسن أو ياسن ؟ فقال عبد الله بن مسعود عبد الله وكل القرآن قد أحصيت غير هذا الحرف قال : إني لأقرأ المفصل في ركعة فقال : هذا كهذا الشعر إن قوما يقرءون القرآن لا يتجاوز تراقيهم ولكن إذا وقع في القلب فرسخ فيه نفع وقال في شرح مسلم هذا محمول على أنه فهم منه أنه غير مسترشد في سؤاله ، إذ لو كان مسترشدا لوجب جوابه وهذا ليس بجواب .
وفي عن البخاري أن رجلا عراقيا قال يوسف بن ماهك أي الكفن خير ؟ قالت : ويحك وما يضرك ؟ قال يا أم المؤمنين أريني مصحفك ، قالت : لم ؟ قال لعلي أؤلف القرآن عليه فإنه يقرأ غير مؤلف ، قالت وما يضرك آية آية قرأت قبل إلى أن قال فأخرجت له المصحف فأملت عليه آي السور . لعائشة
فأما فحسن لحديث { رمي الشيخ المسألة بين أصحابه ومن يحضره من الطلبة ليختبر ما عندهم رضي الله عنهما أنها النخلة ولم يتكلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم : هي النخلة ابن عمر } متفق عليه . ثم إن أصاب واحد وأخطأ غيره جاز مدح المصيب لتزداد رغبته وحرصه ويجتهد أيضا المخطئ ، وإن كان الأولى تركه . طرح النبي صلى الله عليه وسلم شجرة لا ترمي ورقها هي مثل المؤمن وأنه وقع في نفس
ويكره عيب المخطئ لحصول المصلحة بدونه مع ما فيه من كثرة الأذى . وهذه المسألة تشبه مدح الأمين والشهود للمصيب في السبق وعيب المخطئ وهو مكروه وقال لا يجوز . ابن عقيل
وروى عن مسلم أبي عتيق واسمه عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق قال : تحدثت أنا عند والقاسم وهو ابن محمد بن أبي بكر الصديق حديثا وكان عائشة القاسم رجلا لحانا وروي لحانة [ ص: 77 ] بفتح اللام وتشديد الحاء أي كثير اللحن في كلامه ، وروي لحنة بضم اللام وإسكان الحاء ، وروي بفتح الحاء أيضا وهو بمعنى التسكين وقيل بل هو الذي يخطئ الناس قال ابن أبي عتيق : وكان القاسم لأم ولد ، فقالت له ما لك لا تحدث كما يتحدث ابن أخي هذا ؟ أما إني قد علمت من أين أتيت ؟ هذا أدبته أمه ، وأنت أدبتك أمك قال فغضب عائشة القاسم وأضب عليه . وهو بفتح الهمزة وفتح الضاد المعجمة وتشديد الباء أي حقد فلما رأى مائدة قد أتي بها قام ، قالت أين ؟ قال : أصلي . قالت : اجلس قال : إني أصلي ، قالت : اجلس غدر إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { عائشة } غدر بضم الغين المعجمة وفتح الدال . أي يا غادر وهو ترك الوفاء ، ويقال لمن غدر غادر وغدر وأكثر ما يستعمل في النداء بالشتم قال في شرح مسلم : وإنما قالت له غدر لأنه مأمور باحترامها لأنها أم المؤمنين وعمته وأكبر منه وناصحة له ومؤدبة فكان حقه أن يحتملها ولا يغضب عليها انتهى كلامه وعلى هذا ينبغي للمستفيد أن يصبر ويحتمل ولا يغضب لئلا يفوته العلم ولا يكثر مخالفته . لا صلاة بحضرة طعام ولا وهو يدافع الأخبثين
قال الزهري : كان بحرا وكان كثيرا ما يخالف أبو سلمة بن عبد الرحمن فحرم لذلك من ابن عباس علما كثيرا ، وسأل ابن عباس ابن سيرين عن إطالة القراءة في سنة الفجر ، فقال : { ابن عمر } قلت : لست عن هذا أسألك . كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل مثنى مثنى ويوتر بركعة
فقال : إنك لضخم ألا تدعني أستقرئ لك الحديث ؟ ثم ذكره فيه تأديب السائل والتلميذ .
وقوله به به بموحدة مفتوحة ، وهاء ساكنة مكرر ، قيل معناه : مه مه زجر وكف .
قال : هي لتفخيم الأمر معناه بخ بخ ، وقوله إنك لضخم إشارة إلى الغباوة وقلة الأدب لأن هذا الوصف يكون غالبا وإنما قال ذلك لأنه قطع كلامه وعاجله ، وقوله أستقرئ [ ص: 78 ] بالهمزة من القراءة ومعناه أذكره على وجهه بكماله { ابن السكيت يا لأبي بن كعب أبا المنذر أي آية من كتاب الله معك أعظم قلت : الله ورسوله أعلم قال يا أبا المنذر أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم قلت : { الله لا إله إلا هو الحي القيوم } . فضرب في صدري وقال : ليهنك العلم يا أبا المنذر } رواه وقال النبي صلى الله عليه وسلم . مسلم