قال في الغنية بعد أن ذكر جملة من الآداب ينبغي لكل مؤمن أن يعمل بهذه الآداب في أحواله . روي عن رضي الله عنه قال تأدبوا ، ثم تعلموا وقال عمر أبو عبد الله البلخي أدب العلم أكثر من العلم .
وقال إذا وصف لي رجل له علم الأولين والآخرين لا أتأسف على فوت لقائه ، وإذا سمعت رجلا له أدب القس أتمنى لقاءه وأتأسف على فوته . ويقال مثل الإيمان كمثل بلدة لها خمسة حصون ، الأول من ذهب ، والثاني من فضة والثالث من حديد ، والرابع من آجر ، والخامس من لبن فما زال أهل الحصن متعاهدين الحصن من اللبن لا يطمع العدو في الثاني فإذا أهملوا ذلك طمعوا في الحصن الثاني ، ثم الثالث حتى تخرب الحصون كلها ، فكذلك الإيمان في خمسة حصون : اليقين . ثم الإخلاص ، ثم أداء الفرائض ، ثم أداء السنن ، ثم حفظ الآداب ، فما دام العبد يحفظ الآداب ويتعاهدها فالشيطان لا يطمع فيه . فإذا ترك الآداب طمع الشيطان في السنن ، ثم في الفرائض ، ثم في الإخلاص ، ثم في اليقين والله أعلم انتهى كلامه . عبد الله بن المبارك
وقال لا ينبل الرجل بنوع من العلم ما لم يزين عمله بالأدب رواه ابن المبارك في تاريخه وروي عنه أيضا طلبت العلم فأصبت فيه شيئا ، وطلبت الأدب فإذا أهله قد ماتوا . الحاكم
وقال بعض الحكماء لا أدب إلا بعقل ، ولا عقل إلا بأدب ، كان يقال العون لمن لا عون له الأدب .
وقال الأحنف الأدب نور العقل ، كما أن النار في الظلمة نور البصر . كان يقال الأدب من الآباء ، والصلاح من الله . كان يقال من أدب ابنه صغيرا ، قرت به عينه كبيرا ، وقال بعضهم من لم يؤدبه والداه أدبه الليل والنهار .
وقال رضي الله عنه في قوله تعالى [ ص: 553 ] { علي بن أبي طالب يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا } قال أدبوهم وعلموهم وقال بعضهم :
قد ينفع الأدب الأحداث في مهل وليس ينفع بعد الكبر الأدب إن الغصون إذا قومتها اعتدلت
ولا تلين إذا قومتها الخشب
وقال سليمان بن داود عليه السلام من أراد أن يغيظ عدوه فلا يرفع العصا عن ولده وقال كانوا يقولون أكرم ولدك وأحسن أدبه . محمد بن سيرين
وقال الحسن التعلم في الصغر كالنقش في الحجر وقال لقمان ضرب الوالد للولد كالسماد للزرع ذكر ذلك في كتاب بهجة المجالس وقال ابن عبد البر قال لي ابن المبارك مخلدة بن الحسين نحن إلى كثير من الأدب أحوج منا إلى كثير من الحديث .
وعن مرفوعا { سعيد بن العاص } وعن ما نحل والد ولدا أفضل من أدب حسن مرفوعا { جابر بن سمرة } رواهما لأن يؤدب الرجل ولده خير من أن يتصدق بصاع الترمذي وقال في كل منهما غريب قال قال الشاعر : ابن عبد البر
خير ما ورث الرجال بنيهم أدب صالح وحسن الثناء
هو خير من الدنانير والأوراق في يوم شدة أو رخاء
تلك تفنى والدين والأدب الصا لح لا يفنيان حتى اللقاء
إن تأدبت يا بني صغيرا كنت يوما تعد في الكبراء