[ ص: 437 ] فصل ( ، وإنما الفاعل الله وعن قول الرجل هلك الناس ) . النهي عن سب الدهر ونسبة الشر إليه
من الناس من يفعل عند النوازل والمصائب ما كانت تفعله العرب من سب الدهر والزمان فلهذا في الصحيحين عن مرفوعا { أبي هريرة آدم يسب الدهر وأنا الدهر أقلب الليل والنهار . } وفيهما { قال الله عز وجل : يؤذيني ابن } . لا يقولن أحدكم يا خيبة الدهر فإن الله هو الدهر
وفي لفظ { لمسلم } أي : إنكم إذا سببتم فاعل ذلك وقع السب على الله عز وجل ; لأنه هو الفاعل ، والدهر لا فعل له بل من جملة مخلوقات الله تعالى ، ومن هذا المعنى ما رواه لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر . عن مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { أبي هريرة } برفع الكاف قال : إذا قال الرجل هلك الناس فهو أهلكهم الحميدي في الجمع بين الصحيحين وهو أشهر أي : أشدهم هلاكا .
وروي أهلكهم بفتح الكاف أي جعلهم هالكين ; لأنهم هلكوا في الحقيقة وهذا النهي لمن قال ذلك على سبيل الاحتقار والإزراء على الناس وتفضيل نفسه عليهم فإن قال ذلك تحزنا لما يرى من النقص في أمر الدين زاد في شرح مسلم في نفسه وفي الناس فلا بأس كما قال : يعني الصحابي أظنه أنس بن لا أعرف من أمر النبي صلى الله عليه وسلم إلا أنهم يصلون جميعا . مالك
هكذا فسره الإمام وتابعه الناس عليه كذا قال ، وقول الصحابي يقتضي أنه إذا قال هذا المعنى تحزنا لما يراه فيهم من النقص فلا بأس من غير أن يرى ذلك في نفسه لكن لا يزكي نفسه . مالك
قال : معناه لا يزال الرجل يعيب الناس ويذكر مساويهم ويقول : فسد الناس وهلكوا ونحو ذلك ، فإذا فعل ذلك فهو أهلكهم أي : أسوأ حالا منهم بما يلحقه من الإثم في عيبهم والوقيعة فيهم وربما أداه [ ص: 438 ] ذلك إلى العجب بنفسه ورؤيته أنه خير منهم . الخطابي
وقال في النهاية من فتحها كانت فعلا ماضيا ، ومعناه أن الذين يؤيسون الناس من رحمة الله يقولون : هلك الناس أي : استوجبوا النار بسوء أعمالهم ، فإذا قال الرجل ذلك فهو الذي أوجبه لهم لا الله تعالى أو هو الذي لما قال لهم وآيسهم حملهم على ترك الطاعة والانهماك في المعاصي فهو الذي أوقعهم في الهلاك ، وأما الضم فمعناه أنه إذا قال لهم ذلك فهو أهلكهم أي أكثرهم هلاكا ، وهو الرجل يولع بعيب الناس ويرى له عليهم فضلا .
وفي عن مسلم جندب بن عبد الله { } أو كما قال : المراد حبط بقدر هذه السيئة لا كل عمله ، وقد سبقت المسألة في فصول التوبة . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدث أن رجلا قال : والله لا يغفر الله لفلان ، وإن الله قال : من ذا الذي يتألى علي أن لا أغفر لفلان قد غفرت لفلان وأحبطت عملك .