قال في نهاية المبتدئين : حسن الظن بأهل الدين حسن ، ظاهر هذا أنه لا يجب ، ظاهره أيضا أن حسن الظن بأهل الشر ليس بحسن ، فظاهره لا يحرم ، وظاهر قوله عليه السلام { } أن استمراء ظن السوء وتحقيقه لا يجوز ، وأوله بعض العلماء على الحكم في الشرع بظن مجرد بلا دليل وليس بمتجه . إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث
وروى الترمذي عن سفيان : الظن الذي يأثم به ما تكلم به ، فإن لم يتكلم لم يأثم . وذكر ابن الجوزي قول سفيان هذا عن المفسرين ، ثم قال : وذهب بعضهم إلى أنه يأثم بنفس الظن ولو لم ينطق به ، وذكر قبل ذلك قول : إن الظن منه محظور وهو سوء الظن بالله ، والواجب حسن الظن بالله عز وجل ، وكذلك سوء الظن بالمسلم الذي ظاهره العدالة محظور ، وظن مأمور به كشهادة العدل ، وتحري القبلة ، وتقويم المتلفات ، وأرش الجنايات ، والظن المباح كمن شك في صلاته إن شاء عمل بظنه وإن شاء باليقين . القاضي أبي يعلى
وروى مرفوعا { أبو هريرة } وهذا من الظن الذي يعرض في قلب الإنسان في أخيه فيما يوجب الريبة فلا ينبغي أن يحققه الظن المندوب إليه إحسان الظن بالأخ المسلم ، فأما ما روي في حديث { إذا ظننتم فلا تحققوا } فالمراد الاحتراس بحفظ المال مثل أن يقول : إن تركت بابي مفتوحا خشيت السراق انتهى كلام القاضي . احترسوا من الناس بسوء الظن
ذكر البغوي أن المراد بالآية سوء الظن ثم ذكر قول سفيان ، وذكر القرطبي ما ذكره المهدوي عن أكثر العلماء أن ظن القبيح بمن ظاهره الخير لا يجوز وإنه لا حرج بظن القبيح بمن ظاهره قبيح .
وقال الوزير الحنبلي : لا يحل والله أن يحسن الظن بمن ترفض ولا بمن يخالف الشرع في حال . ابن هبيرة
وقال في صحيحه ( باب ما يكون من الظن ) ثم روي عن [ ص: 46 ] البخاري رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { عائشة } وفي لفظ " ديننا الذي نحن عليه " قال ما أظن فلانا وفلانا يعرفان من ديننا شيئا : كانا رجلين من المنافقين . الليث بن سعد
وعن عبد الله بن عمرو الخزاعي عن أبيه قال . { يقسمه في أبي سفيان قريش بمكة بعد الفتح فقال لي التمس صاحبا فجاءني فقال : بلغني أنك تريد الخروج إلى عمرو بن أمية الضمري مكة وتلتمس صاحبا قلت أجل قال : فأنا لك صاحب قال فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : قد وجدت صاحبا فقال من ؟ قلت فقال إذا هبطت بلاد قومه فاحذره فإنه قد قال القائل أخوك البكري ولا تأمنه قال : فخرجنا حتى إذا كنا عمرو بن أمية الضمري بالأبواء قال : لي إني أريد حاجة إلى قومي بودان فتلبث لي قليلا قلت راشدا ، فلما ولى ذكرت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فشددت على بعيري حتى خرجت أوضعه ، حتى إذا كنت بالأصافر إذا هو يعارضني في رهط قال : فأوضعت فسبقته فلما رآني قد فته انصرفوا ، وجاءني فقال : كانت لي إلى قومي حاجة قلت أجل قال : ومضينا حتى قدمنا مكة فدفعنا المال إلى أبي سفيان . } . دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأراد أن يبعثني بمال إلى
رواه أحمد وأبو داود وتفرد عنه وعبد الله بن عمرو عيسى بن معمر مع ضعف عيسى ورواه عن عيسى بن إسحاق بصيغة عن ، وترجم أبو داود على هذا الخبر ، وخبر الذي في الصحيحين { أبي هريرة } لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين .
باب ( في الحذر من الناس )
وقال أيضا في باب حسن الظن : ثم روي من رواية شتير ولم يرو عنه غير عن محمد بن واسع قال أبي هريرة : عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { نصر بن علي } وكذا رواه حسن الظن حسن العبادة ثم روى أحمد أبو داود خبر صفية الذي في الصحيحين أنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم تزوره وهو معتكف وأن رجلين من الأنصار رأياهما فأسرعا فقال النبي : { فقالا سبحان الله يا رسول الله قال إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم فخشيت أن يقذف في قلوبكما شيئا أو قال شرا صفية بنت حيي } . على رسلكما إنها [ ص: 47 ]
قال في كتاب بهجة المجالس قال ابن عبد البر : رضي الله عنه لا يحل لامرئ مسلم يسمع من أخيه كلمة يظن بها سوءا وهو يجد لها في شيء من الخير مخرجا . وقال أيضا : لا ينتفع بنفسه من لا ينتفع بظنه . عمر بن الخطاب
وقال : اتقوا ظن المؤمن فإن الله جعل الحق على لسانه وقلبه ، وقد ذكرت في موضع آخر قوله : عليه السلام { أبو مسلم الخولاني } رواه اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله الترمذي ، وفي السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم { وقلبه عمر } وسئل بعض العرب عن العقل فقال : الإصابة بالظنون ومعرفة ما لم يكن بما كان وقال إن الله جعل الحق على لسان : رضي الله عنه : لله در علي بن أبي طالب إنه لينظر إلى الغيب من ستر رقيق قال الشاعر : ابن عباس
وأبغي صواب الظن أعلم أنه إذا طاش ظن المرء طاشت معاذره
وقال : الجبن والبخل والحرص غرائز سوء يجمعها كلها سوء الظن بالله عز وجل وقال الشاعر : ابن عباسوإني بها في كل حال لواثق ولكن سوء الظن من شدة الحب
إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه وصدق ما يعتاده من توهم
وروى في تاريخه عن الحاكم بشر بن الحارث يعني الحافي قال : صحبة الأشرار . أورثت سوء الظن بالأخيار . وروي أيضا عن قال لا يعتد بعبادة المفلس فإنه إذا استغنى رجع . أبي بكر بن عياش