لما استخلف أبو بكر رضي الله تعالى عنهما قال عمر ما يقول الناس في استخلافي لمعيقيب الدوسي قال : كرهه قوم ، ورضيه قوم آخرون قال فالذين كرهوه أكثر أم الذين رضوه ؟ قال : بل الذين كرهوه قال : إن الحق يبدو كرها وله تكون العاقبة { عمر والعاقبة للتقوى } وقال : الحكمة تدعو إلى الحق ، والجهل يدعو إلى السفه ، كما أن الحجة تدعو إلى المذهب الصحيح ، والتشبيه يدعو إلى المذهب الباطل .
وقال بعض الحكماء : من جهلك بالحق والباطل أن تريد إقامة الباطل بإبطال الحق وقال بعض الحكماء : لا يعد الرجل عاقلا حتى يستكمل ثلاثا : إعطاء الحق من نفسه في حال الرضا والغضب ، وأن يرضى للناس ما يرضى لنفسه ، وأن لا يرى له زلة عند صحو وقال : أبو العتاهية
ومن ضاق عنه الحق ضاقت مذاهبه
لما احتضر أبو بكر أرسل إلى رضي الله عنهما فقال : إن وليتك على الناس فاتق الله والزم الحق فإنما ثقلت موازين من ثقلت موازينه يوم القيامة باتباعهم الحق في الدنيا وثقله عليهم ، وحق لميزان إذا وضع فيه الحق غدا أن يكون ثقيلا ، وإنما خفت موازين من خفت موازينه يوم القيامة باتباعهم الباطل في الدنيا وخفته عليهم . وحق لميزان وضع فيه الباطل أن يكون [ ص: 42 ] خفيفا ، واعلم أن لله تعالى عملا بالليل لا يقبله بالنهار ، وعملا بالنهار لا يقبله بالليل ، وأنه لا يقبل نافلة حتى تؤدى الفريضة ، وأن الله عز وجل ذكر أهل الجنة بأحسن أعمالهم وتجاوز عن سيئاتهم ، فإذا ذكرتهم قلت إني لخائف أن لا ألحق بهم ، وأن الله تعالى ذكر أهل النار بأسوأ أعمالهم ورد عليهم حسنها ، فإذا ذكرتهم قلت إني لخائف أن أكون معهم ، وأن الله عز وجل ذكر آية الرحمة مع آية العذاب ليكون المؤمن راهبا راغبا ، لا يتمنى على الله ، ولا يقنط من رحمة الله فإن أنت حفظت وصيتي فلا يكونن غائب أحب إليك من الموت ولست بمعجزه . عمر
كتب إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنهما أن الزم الحق ينزلك الحق في منازل أهل الحق يوم لا يقضى إلا بالحق . معاوية
أول كتاب كتبه رضي الله عنه في خلافته : أما بعد فإنه هلك من كان قبلكم فإنهم منعوا الحق حتى اشتري ، وبسطوا الباطل حتى اقتني . علي بن أبي طالب
وقال : رضي الله عنه من كان على الحق فهو جماعة ولو كان وحده وقال غيره : الأحمق يغضب من الحق والعاقل يغضب من الباطل ، وقال ابن مسعود : رضي الله عنه تكلموا بالحق تعرفوا ، واعملوا به تكونوا من أهله . ابن مسعود
وقال : أبو العتاهية
وللحق برهان وللموت فكرة ومعتبر للعالمين قديم
وقال : رضي الله عنه إذا ظهر الباطل على الحق ظهر الفساد في الأرض ، وقال إن مالك بن أنس ، وإن قليل الباطل وكثيره هلكة وقال لزوم الحق نجاة سعد بن أبي وقاص لسلمان : رضي الله عنهما أوصني قال أخلص الحق يخلصك قال وأظن من هنا قول القائل " أعز الحق يذل لك الباطل " . ابن عبد البر
[ ص: 43 ] يقال من لم يعمل من الحق إلا بما وافق هواه ولم يترك من الباطل إلا ما خف عليه ، لم يؤجر فيما أصاب ولم يفلت من إثم الباطل وقال منصور الفقيه :
فاتق الله إذا ما شورت وانظر ما تقول
لا يضرنك إن قال من الناس جهول
إن قول المرء فيما لم يسل عنه فضول
وعن مرفوعا { أبي هريرة لبيد :
ألا كل شيء ما خلا الله باطل
} أصدق كلمة قالها الشاعر قولوقال : أصدق قول قالته العرب قول القائل :
وما حملت من ناقة فوق رحلها أبر وأوفى ذمة من محمد
أنشد ثعلب :
وإن أشعر بيت أنت قائله بيت يقال إذا أنشدته صدقا
قال جعفر بن محمد : ما ناصح الله عبد مسلم في نفسه فأخذ الحق لها وأعطى الحق منها إلا أعطي خصلتين رزق من الله يقنع به . ورضا من الله عنه .