قلت: أما إلزامهم لهم الوجود الممكن مع الواجب، فهذا إلزام لازم لا محيد للفلاسفة عنه، ولكن ليس فيه حل الشبهة، وأما فإن الوجود إذا كان ثبوتيا فوجوبه الذي هو توكده المانع من إمكان نقيضه، كيف يكون عدميا؟ ومعلوم أن اسم الوجود هو بالواجب أحق منه بالممكن. منع كون الوجوب أمرا ثبوتيا، فهو من نوع السفسطة،
وأيضا فإن ما ذكره من التقسيم وارد، سواء قيل: إن المفهوم ثبوتي أو سلبي، فإنه إذا كان سلبيا مشتركا امتنع أن يكون ملزوما للمختص، فإن المشترك سواء كان وجوديا أو عدميا، لا يستلزم المختص، فإنه يقتضي أنه حيث وجد المشترك المطلق العام وجد كل واحد من أفراده الخاصة، وامتنع أيضا أن يكون لازما للمختص، إلا إذا كان الوجوب معلولا ولازما لغيره، وهو قد ذكر إبطال هذا.
وقد اعترض الرازي باعتراض آخر على أحد قوليه في أن الوجود زائد على الماهية، بأن الماهية تكون علة للوجود، وذكر أنه لا محذور في أن [ ص: 112 ] تكون الماهية إذا أخذت مطلقة لا بشرط وجود ولا عدم علة لوجود نفسها، والماهية من حيث هي هي لا موجودة ولا معدومة.
قلت: الحجة مدارها على أن المطلق المشترك الكلي موجود في الخارج، وهذا هو الموضع الذي ضلت فيه عقول هؤلاء، حيث اعتقدوا أن الأمور الموجودة المعينة اشتركت في الخارج في شيء، وامتاز كل منها عن الآخر بشيء، وهذا عين الغلط.