وقد رأيت الأثير الأبهري - وهو ممن يصفه هؤلاء المتأخرون بالحذق في الفلسفة والنظر، ويقدمونه على ، ويقولون: الأرموي الأصبهاني صاحب القواعد هو وغيره [ ص: 378 ] تلامذته - رأيته قد أبطل حجة هؤلاء المتفلسفة على قدم العالم بما يقرر ما ذكرته من إبطالها، وكان ما أجاب به عن حجتهم أولى بدين المسلمين، كما ذكره ، مع أنه ينتصر الأرموي للفلاسفة أكثر من غيره.
فقال في فصل ذكر فيه ما يصح من مذاهب الحكماء وما لا يصح:
قال: «ثم قالوا: إن الواجب لذاته يجب أن يكون واجبا من جميع جهاته، أي يجب أن تكون جميع صفاته لازمة لذاته، إما أن تكون كافية فيما له من الصفات، وجودية كانت أو عدمية، أو لا تكون.
والثاني باطل، وإلا لتوقف شيء من صفاته على غيره، وذاته متوقفة على وجود تلك الصفة، أو عدمها، فذاته تتوقف على غيره، وهو محال.
قال: «وهذا ضعيف، لأنا نقول: ولا يلزم من ذلك توقف ذاته إما على وجودها أو عدمها» . لا نسلم أن ذاته تتوقف على وجود تلك الصفة أو عدمها، بل ذاته تستلزم تلك الصفة أو عدمها،
قال: «ثم قالوا: إن الباري تعالى يستلزم جملة ما يتوقف عليه وجود العالم، فيلزم من دوامه أزلية العالم، وهو ممتنع، لاحتمال أن يكون له إرادات حادثة، كل واحدة منها تستند إلى الأخرى، ثم تنتهي في جانب النزول إلى إرادة تقتضي حدوث العالم، فلزم حدوثه» . [ ص: 379 ]
قلت: فهذا الجواب خير من الذي ذكره وذكر أنه باهر، الأرموي، نقله من «المطالب العالية» والأرموي للرازي، فإنه ذكره، وقال: «إنه هو الجواب الباهر»، ووافقه عليه القشيري المصري: فهذا أصح في الشرع والعقل.