وقال في كتاب "الرد على عثمان بن سعيد الدارمي الجهمية": [ ص: 303 ] "ما الجهمية عندنا من أهل القبلة، بل هؤلاء الجهمية أفحش زندقة، وأظهر كفرا، وأقبح تأويلا لكتاب الله ورد صفاته، من الزنادقة الذين قتلهم وحرقهم بالنار". علي
قال: "والزنادقة والجهمية أمرهما واحد، ويرجعان إلى معنى واحد، ومراد واحد، وليس قوم أشبه بقوم منهم بعضهم ببعض".
قال: "ولو كان وأصحابه في زمن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكبار التابعين لقتلوهم، كما قتل جهم الزنادقة التي ظهرت في عصره، ولقتلوا كما قتل أهل الردة. ألا ترى أن علي أظهر بعض رأيه في زمن الجعد بن درهم فزعم أن الله لم يكلم خالد بن عبد الله القسري، موسى تكليما، ولم يتخذ إبراهيم خليلا فذبحه خالد بواسط [ ص: 304 ] يوم عيد الأضحى على رؤوس من حضره من المسلمين لم يعبه به عائب، ولم يطعن عليه طاعن، بل استحسنوا ذلك من فعله وصوبوه.
وكذلك لو ظهر هؤلاء في زمن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان سبيلهم عند القوم الا القتل كسبيل أهل الردة، وكما قتل من ظهر منهم في عصره وأحرقه، وظهر بعضهم علي بالمدينة في عهد فأشار على والي سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، المدينة يومئذ بقتله".
قال: "ويكفي العاقل من الحجج في إكفارهم ما تأولنا فيه من كتاب الله، وروينا فيه عن علي وما فسرنا من واضح كفرهم، وفاحش مذهبهم، وسنروي عن بعض من ظهر ذلك بين أظهرهم من العلماء. وابن عباس،
ثنا محمد بن المعتمر السجستاني، وكان من أوثق أهل [ ص: 305 ] سجستان وأصدقهم، عن زهير بن نعيم البابي، أنه سمع يقول: سلام بن أبي مطيع الجهمية كفار.
وسمعت محمد بن المعتمر يقول: سمعت زهير بن نعيم يقول: سئل - وأنا معه في حماد بن زيد سوق البصرة - عن فقال: ذلك كافر. بشر المريسي،
قال وبلغني عن عثمان بن سعيد: أنه قال: يزيد بن هارون الجهمية كفار، وقال: حرضت أهل بغداد غير مرة على قتل ثنا المريسي. يحيى الحماني: ثنا سمعت الحسن بن الربيع: يقول: من زعم أن قوله: ابن المبارك إنني أنا الله لا إله إلا أنا [سورة طه: 14] مخلوق فهو كافر. سمعت محبوب بن موسى الأنطاكي، يذكر أنه سمع يكفر وكيعا الجهمية. قال: وحدثت عن عن سفيان الثوري، أنه أكفر من زعم أن القرآن مخلوق، وسمعت حماد بن أبي سليمان الربيع بن نافع يكفر أبا توبة الجهمية. [ ص: 306 ]
وحدثنا الزهراني أبو الربيع قال: كان من هؤلاء الجهمية رجل، وكان الذي يظهر من حاله الترفض وانتحال حب رضي الله عنه، فقال رجل ممن خالطه ويعرف مذهبه: قد علمت أنكم لا ترجعون إلى دين الإسلام ولا تعتقدونه فما الذي حملكم على الترفض وانتحال حب علي بن أبي طالب قال: إذا أصدقك. إنا إن أظهرنا رأينا الذي نعتقده رمينا بالكفر والزندقة، وقد وجدنا أقواما ينتحلون حب علي؟ ويظهرونه، ثم يقعون بمن شاءوا ويعتقدون ما شاءوا فيقولون ما شاءوا، فنسبوا بذاك إلى الترفض والتشيع، فلم نر لمذهبنا أمرا ألطف من انتحال حب هذا الرجل، ثم نقول ما شئنا، ونعتقد ما شئنا، ونقع بمن شئنا، فلأن يقال: إنا رافضة وشيعة أحب إلينا من أن يقال: زنادقة وكفار، وما علي عندنا بأحسن حالا من غيره ممن نقع بهم. علي
قال وصدق هذا الرجل فيما [ ص: 307 ] عبر عن نفسه ولم يراوغ، وقد استبان لي ذلك في بعض كبرائهم ونظرائهم أنهم يستترون بالتشيع: يجعلونه تسبيبا لكلامهم وخطائهم، وسلما وذريعة لاصطياد الضعفاء وأهل الغفلة، ثم يبذرون بين ظهراني خطئهم بذر كفرهم وزندقتهم، ليكون أنجع في قلوب الجهال وأبلغ فيهم، ولئن كان أهل الجهل في شك من أمرهم، إن أهل العلم منهم على يقين". أبو سعيد عثمان بن سعيد الدارمي: