وأما قول السائل:
«إذا قيل بالجواز، فهل يجب؟ وهل نقل عنه عليه السلام ما يقتضي وجوبه؟
فيقال: لا ريب أنه ولا ريب أن معرفة ما جاء به الرسول على التفصيل فرض على الكفاية، فإن ذلك داخل في تبليغ ما بعث الله به رسوله، وداخل في تدبر القرآن وعقله وفهمه، وعلم الكتاب والحكمة، وحفظ الذكر والدعاء إلى الخير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعاء إلى سبيل الرب بالحكمة والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن، ونحو ذلك مما أوجبه الله على المؤمنين، فهذا واجب على الكفاية منهم. [ ص: 52 ] يجب على كل أحد أن يؤمن بما جاء به الرسول إيمانا عاما مجملا،
وأما ما وجب على أعيانهم فهذا يتنوع بتنوع قدرهم وحاجتهم ومعرفتهم، وما أمر به أعيانهم فلا يجب على العاجز عن سماع بعض العلم أو عن فهم دقيقه ما يجب على القادر على ذلك، ويجب على من سمع النصوص وفهمها من علم التفصيل ما لا يجب على من لم يسمعها، ويجب على المفتي والمحدث والمجادل ما لا يجب على من ليس كذلك.