وجماع الأمر أن الأدلة نوعان: شرعية، وعقلية.
يقول من يخالف نصوص الأنبياء منهم: إن الأنبياء لم يعرفوا الحق الذي عرفناه، أو يقولون: عرفوه ولم يبينوه للخلق كما بيناه، بل تكلموا بما يخالفه من غير بيان منهم. فالمدعون لمعرفة الإلهيات بعقولهم، من المنتسبين إلى الحكمة والكلام والعقليات،
والمدعون للسنة والشريعة واتباع السلف من الجهال بمعاني نصوص الأنبياء يقولون: إن الأنبياء والسلف الذين اتبعوا الأنبياء لم يعرفوا معاني هذه النصوص التي قالوها والتي بلغوها عن الله، أو إن الأنبياء عرفوا معانيها ولم يبينوا مرادهم للناس، فهؤلاء الطوائف قد يقولون: نحن عرفنا الحق بعقولنا، ثم اجتهدنا في حمل كلام الأنبياء على ما يوافق مدلول العقل، وفائدة إنزال هذه المتشابهات المشكلات اجتهاد [ ص: 20 ] الناس في أن يعرفوا الحق بعقولهم، ثم يجتهدوا في تأويل كلام الأنبياء الذين لم يبينوا به مرادهم، أو أنا عرفنا الحق بعقولنا، وهذه النصوص لم تعرف الأنبياء معناها، كما لم يعرفوا وقت الساعة، ولكن أمرنا بتلاوتها من غير تدبر لها ولا فهم لمعانيها.
أو يقولون: بل هذه الأمور لا تعرف بعقل ولا نقل، بل نحن منهيون عن معرفة العقليات، وعن فهم السمعيات، وإن الأنبياء وأتباعهم لا يعرفون العقليات، ولا يفهمون السمعيات.