فإن قيل: [ ص: 297 ] الحركتان معا في الزمان، فالفاعل لهذه هو الفاعل للأخرى، وهو متقدم عليهما جميعا.
وإن قيل: بل إحداهما عقب الأخرى في الزمان، كأجزاء الزمان المتلاحقة، بطل قول القائل: إنهما معا في الزمان.
وكثيرا ما يشتبه على الناس الوجود مع الشيء بالوجود عقبه، بل يطلقون لفظ "المع" على المعاقب له، ويقولون: جاءا معا، وإن كان مجيء أحدهما معاقبا للآخر إذا لم يكن بينهما فصل، بل يطلقون ذلك مع قرب الآخر، فالحادثات إذا كان زمانهما واحدا أو حدث أحدهما عقب حدوث الآخر بلا فصل، كأجزاء الحركة والزمان، لم يميز أكثر الناس بين هذا وهذا بالحس.
وحينئذ فقول القائل: تحركت يدي فتحرك كمي.
يقال له: لم لا يجوز أن يكون هذا مع هذا، كأجزاء الحركة والزمان بعضها مع بعض. والحركة تحدث شيئا فشيئا من الفاعل والقابل، فمن حرك سلسلة أو حبلا معلق الطرفين، فإنه إذا حرك أحد الطرفين تحرك شيئا فشيئا، حتى تنتهي الحركة إلى الطرف الآخر، وهي متعاقبة كتعاقب زمان تلك الحركة، وليست أجزاء الحركة وزمانها متقارنة في الزمان، وإنما يتحرك معا في الزمان ما لا تكون الحركة في أحدهما أسبق من الآخر، مثل البدن إذا تحرك منتقلا، فإن أجزاء البدن تتحرك في آن واحد، لا يسبق بعضها بعضا إلا ما تقدم من الحركة، كما تتقدم إحدى الرجلين على الأخرى، بخلاف خرزات الظهر المتصلة تتصل [ ص: 298 ] حركتها، فإذا حركت يده تحركت جميع أجزائها وما فيها كالخاتم، وما يتصل بها كالكم، فيكون حكمها حكم الجسم المتصل إذا تحرك، والحركة المنفصلة عن أخرى، كحركة الرجل قبل الرجل، يشهد فيها التقدم بالزمان لوجود المنفصل، وأما مع الاتصال فقد يشتبه المتصل بالمقارن، وحينئذ فأي حركة كانت من قبل المتصل فهي متصلة بما قبلها، كاتصال أجزاء زمان الحركة، فليس هناك اقتران في الزمان.