الوجه الرابع: أن سلك مسلكا في تعجيز الفلاسفة عن الغزالي بأن قال: "دليلكم مبني على نفي التناهي عن العلل والمعلولات" قال: "وأنتم لا يمكنكم ذلك، مع إثباتكم حوادث لا تتناهى، فإن ما تذكرونه من دليل نفي النهاية في العلل يلزم مثله في الحوادث، وما تذكرونه مما يسوغ وجود حوادث لا تتناهى يلزمكم نظيره في العلل". إثبات الصانع،
وهذا الذي قاله وإن كان قد استدركه من استدركه عليه، لكن هو أجود مما فعله فإن مقصوده إلزامهم أحد أمرين: إما عدم إثبات الواجب، وإما الإقرار بحدوث العالم، وبين أن إثبات الصانع معلوم بإثبات الحوادث، وأن افتقار المحدث إلى المحدث أمر ضروري. فهذا خير من أن يجعل إثبات الصانع موقوفا على تقسيمها إلى التعاقب والاقتران، وإن العلل المتعاقبة لا يمكن إبطالها إلا بالتسوية بين امتناع كون الحادث المعين دائما لم يزل، وكون نوع الحوادث دائما لم يزل، فإن هذا فيه من التطويل ووقف العلم بالصانع على مثل هذه المقدمة ما لا يخفى. الآمدي،