فالقرآن مملوء من بيان علوه على خلقه، والصعود إليه، والنزول منه، ومن عنده، وإثبات علمه ورحمته، وغير ذلك من صفاته.
وإذا سميت ما هو كذلك جسما، وسئلت: هل هم جسم؟ كان الجواب أن المعنى الذي سئلت عنه وأردته بهذا اللفظ قد بينه الله وأثبته في كتابه.
وأما إطلاق لفظ الجسم على الله، فهو كإطلاق الفلاسفة لفظ [ ص: 310 ] العقل ونحو ذلك.
وهذه العبارات في لغة العرب تتضمن معاني ناقصة ينزه الله عنها.
فالعقل هو المصدر الذي هو عرض، والله سبحانه منزه عن ما هو فوق ذلك، بل نفس تسميته عاقلا ليس معروفا في شرع المسلمين.
فقد تبين أن ما يعنى بلفظ الجسم من تمثيل الله بخلقه ووصفه بالنقائص، فقد بين الله في كتابه أنه منزه عنه، وما يعني به من إثبات أنه قائم بنفسه، مباين لخلقه، عال عليهم، يرفعون إليه أيديهم عند الدعاء، ويعرج إليه بنبيه ليلة الإسراء -موصوف بصفات الكمال، منزه عما يستلزم العدم والإبطال- فقد بين الله في كتابه إثباته لنفسه، فلا يقال: إنه ليس في القرآن جواب هذا السؤال.