فإذا ضم إلى أحد هذين القولين أن يجعل الوجود واحدا، والوجود الواجب هو الممكن -لزم أن يكون كل من وجود الأعيان وثبوتها مفتقرا إلى الآخر، وأن يكون الوجود الواجب مفتقرا إلى الذوات المستغنية عنه، كما يقوله صاحب الفصوص. ومن هذا الباب قول من جعل المعدوم شيئا ثابتا في الخارج، [ ص: 286 ] مستغنيا عن الخالق، ومن جعل الماهيات غير الأعيان الموجودة،
أو أن يكون وجود الأعيان، الذي هو الوجود الواجب عند هؤلاء، مفتقرا إلى الماهيات المستغنية عنه، كما يقوله آخرون منهم. ويقول ابن سبعين وأمثاله: هو في كل شيء بصورة ذلك الشيء، فهو في الماء ماء، وفي النار نور، وفي الحلو حلو، وفي المر مر. وقد وقع نوع من الحلول والاتحاد في كلام غير واحد من شيوخ الصوفية.
ولهذا كان الأئمة منهم، كالجنيد وأمثاله، يتكلمون بالمباينة، كقول الجنيد: التوحيد إفراد الحدوث عن القدم. وفي كلام الشاذلي، بل والحرالي، بل وابن برجان، وأبي طالب وغيرهم من [ ص: 287 ] ذلك ما يعرفه من فهم حقيقة الحق، وفهم مقاصد الخلق.