وأما الفلاسفة فالنقل عنهم مختلف لتناقض كلامهم، فالمشهور عنهم أن العقل يحسن ويقبح، كما نقله عنهم. أبو الخطاب
ولكن كلامهم في مبادئ المنطق وقولهم: إن هذه القضايا من المشهورات لا من البرهانيات، لما رأى الناس أنه يناقض ذلك، صاروا [ ص: 66 ] يحكون عنهم أنهم لا يقولون بتحسين العقل وتقبيحه، كما نقله الرازي وغيره. فإذا كان المتكلمون القائلون بتحسين العقل وتقبيحه، وأنه لا طريق إلى المعرفة إلا به، وأنه يوجبها، يعني على المميزين، يقولون مع ذلك: فكيف غيرهم من طوائف أهل النظر؟ وكذلك الفلاسفة ذكروا ذلك، كما ذكره إن الشرع بين هذه الطرق العقلية وأرشد إليها، ودل الناس عليها، ووكدها وقررها، حتى تمت الحجة به على الخلق، فجعلوا ما جاء به الشرع متضمنا للمقصود بالعقل من غير عكس، حتى صارت العقليات النافعة جزءا من الشرع، لما قسم الناس إلى أربعة أصناف، كما سيأتي. أبو الوليد بن رشد الحفيد،