ومن المعلوم أن الدلالات التي تسمى عقليات، ليس لها ضابط، ولا هي منحصرة في نوع معين، بل ما من أمة إلا ولهم ما يسمونه معقولات.
واعتبر ذلك بأمتنا، فإنه ما من مدة إلا وقد يبتدع بعض الناس بدعا، يزعم أنها معقولات. [ ص: 244 ]
ومعلوم أن عصر الصحابة وكبار التابعين لم يكن فيه من يعارض النصوص بالعقليات، فإن الخوارج والشيعة حدثوا في آخر خلافة علي، والمرجئة والقدرية حدثوا في أواخر عصر الصحابة، وهؤلاء كانوا ينتحلون النصوص ويستدلون بها على قولهم، لا يدعون أنهم عندهم عقليات تعارض النصوص.
ولكن الجهمية في أواخر عصر التابعين، كانوا هم المعارضين للنصوص برأيهم، ومع هذا فكانوا قليلين مقموعين في الأمة. لما حدثت
وأولهم ضحى به الجعد بن درهم، يوم الأضحى خالد بن عبد الله القسري بواسط، وقال: أيها الناس ضحوا، تقبل الله ضحاياكم، فإني مضح إنه زعم أن الله لم يتخذ بالجعد بن درهم، إبراهيم خليلا، ولم يكلم موسى تكليما، تعالى الله عما يقول الجعد علوا كبيرا، ثم نزل فذبحه.
وإنما صار لهم ظهور وشوكة في أوائل المائة الثالثة، لما قواهم من [ ص: 245 ] قواهم من الخلفاء، فامتحن الناس، ودعاهم إلى قولهم، ونصر الله الإيمان والسنة بمن أقامه من أئمة الهدى، الذين جعلهم الله أئمة في الدين بما آتاهم الله من الصبر واليقين، كما قال الله تعالى: وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون [سورة السجدة: 24] .