الذي يجب تقدمه عليه، فقد جعل الرسول شبيها بالشخص الثاني الذي أضل بكلامه من وجه، ويجعله بمنزلة من جعله كالساكت الذي لم يضل ولم يهد من وجه آخر. [ ص: 214 ] ومن زعم أن ما جاء به الرسول من الكتاب والسنة، قد عارضه صريح المعقول
فإنه إذا زعم أن الحق والهدى هو قول الذي يعلم بالعقل عنده، فمعلوم أن كلام الله ورسوله لم يدل على قول النفاة. نفاة الصفات
دلالة يحصل بها الهدى والبيان للمخاطبين بالقرآن، إن كان قول النفاة هو الحق.
ومعلوم أن دلالة بينة بقول جمهور الناس: إنها دلالة قطعية على ذلك. كلام الله ورسوله دل على إثبات الصفات المناقض لقول النفاة،
والمعتزلة ونحوهم من النفاة معترفون بأنها دلالة ظاهرة، فإذا كان الرسول لم يظهر للناس إلا إثبات الصفات دون نفيها، وكان الحق في نفس الأمر نفيها، لكان بمنزلة الشخص الذي كتم الحق وذكر نقيضه.
وهذا خلاف ما نعته الله في كتابه، فدل على أن هذا الطريق التي يسوغ فيها تقديم عقول الرجال- في أصول التوحيد والإيمان على كلام الله ورسوله، تناقض دين الرسول مناقضة بينة، بل مناقضة معلومة بالاضطرار من دين الإسلام، لمن تدبر حقيقة هذا القول، وعرف غائلته ووباله.