ومن المعلوم أن كل من عارض القرآن، وجادل في ذلك بعقله ورأيه، فهو داخل في ذلك، وإن لم يزعم تقديم كلامه على كلام الله ورسوله، بل فقد دخل في ذلك، فكيف بمن يزعم أن ما يقوله بعقله ورأيه مقدم على نصوص الكتاب والسنة. [ ص: 207 ] إذا قال ما يوجب المرية والشك في كلام الله،
وقال تعالى: إن الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه الآية [سورة غافر: 56] .
وقال: الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم كبر مقتا عند الله وعند الذين آمنوا كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار [سورة غافر: 35] .
والسلطان هو الكتاب المنزل من السماء، كما ذكر ذلك غير واحد من المفسرين.
وشواهده كثيرة كقوله تعالى: أم أنزلنا عليهم سلطانا فهو يتكلم بما كانوا به يشركون [سورة الروم: 35] .
وقوله: إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان [سورة النجم: 23] في سورة الأعراف ويوسف [ ص: 208 ] والنجم، دخل في معنى هذه الآية. فمن عارض آيات الله المنزلة برأيه وعقله من غير سلطان أتاه،
وهذا مما يبين أنه لا يجوز معارضة كتاب الله إلا بكتاب الله، ولا يجوز معارضته بغير ذلك.