[ ص: 171 ] وجعل حجة الإمام أحمد من جنس حجة أولئك الذين يقولون بالحلول المقيد، لأن هؤلاء يقولون: إنه حل في بعض خلقه. جهم
وهؤلاء الجهمية فيهم من يقول: إن اللاهوت في الناسوت من غير حلول فيه. وهكذا وأتباعه جعلوا وجود الخالق في المخلوقات، من جنس اللاهوت في الناسوت، ويجمعون بين القولين المتناقضين، كما جمعت النصارى. الجهم
واحتجاج بهذا على السمنية، كاحتجاج نفاة الصفات بذلك على أهل الإثبات، فإن الجهم الرازي وأمثاله احتجوا على إمكان وجود موجود لا مباين للعالم ولا داخل فيه بالنفس الناطقة، على قول هؤلاء المتفلسفة، الذين يقولون: إنها لا داخلة في هذا العالم، ولا خارجة من هذا العالم - إنها تشبه الإله، وإن الفلسفة التشبه بالإله على قدر الطاقة.
ومقصود بهذه الحجة بيان إمكان وجود موجود لا سبيل إلى إحساسه، فاحتج عليهم بالنفس الناطقة، إذ لا سبيل إلى إحساسها. وهذه حجة المشائين من المتفلسفة على الطبيعيين منهم. وهؤلاء يجعلون ما يثبتونه من الأمور المعقولة، حجة على إثبات موجود ليس بمحسوس، ثم يزعمون أن ما أخبرت به الرسل من الغيب، هو الوجود العقلي الذي يثبتونه. الجهم
وهذا الموضع حارت فيه أحلام، وضلت فيه أفهام، وهم [ ص: 172 ] مخطئون شرعا وعقلا.