وقوله: لا يكون واجبا بذاته - باطل حينئذ، لأنه إذا قدر أن الذات غير الوجود، فلا بد في قوله: "واجب بذاته" من تحقق الوجود والذات معا، فلا يتقدم أحدهما على الآخر، ولا يستغني أحدهما عن الآخر، فصار معنى وجوب الوجود بالذات، إذا قدر أن الذات عين الوجود أمرا متضمنا لتلازم الوجود الواجب والذات الموصوفة بذلك، فلا يكون موجود بذاته إلا كذلك، وهذا كله بتقدير ثبوت شيئين.
ثم على هذا التقدير فيها قولان: إما أن يقال: الوجود الملازم للماهية هو أيضا مختص، كما أن الماهية مختصة به، وهذا هو القول المأثور عن أبي هاشم ونحوه. وقد تقوله طائفة من أهل الإثبات، كما يوجد في كلام أبي حامد
وإما أن يقال: الوجود مشترك في الخارج، ولكن الماهية هي المختصة التي تميز وجودا عن غيره. وهذا هو الذي يحكيه وابن الزاغوني. الرازي عن أبي هاشم وغيره، وهو غلط عليهم، كما غلط على الأشعري وأبي الحسين [ ص: 157 ] حيث حكى عنهم أن لفظ "الوجود" مقول بالاشتراك اللفظي، وهذا الغلط منه حيث ظن أن الكلي الذي هو مورد التقسيم يكون ثابتا مشتركا في الخارج، وهذا أصل للمنطقيين يخالفهم فيه أئمة الكلام بحسب ما فهمه من كلام أهل المنطق فغلط.
والمقصود هنا أن قول أبي هاشم وأتباعه خير من قول وأما ابن سينا، وعامة المثبتة للصفات، الأشعري وهو الصواب، فلا يحتاج إلى هذا الجواب. إذا كان الوجود هو الماهية، ولا مشترك في الخارج، كما هو قول
وليس المراد أن ماهيته وجود مطلق مجرد، كما يقوله ابن سينا، وغيرهما من وابن التومرت، الجهمية، ولكن المراد أن حقيقته المختصة به، هي وجوده المختص به، وليس ذلك وجودا مطلقا ولا مجردا، وكذلك يقول في كل موجود: إن حقيقته المختصة به هي وجوده المختص به، وقد ذكرنا هذا الجواب على تقدير مغايرة وجوده لماهيته، لأنه نافع في عامة ما يوردونه لنفي الصفات.