وكذلك تركب الحقيقة من الصفات العامة والخاصة، إنما هو تركيب في الذهن: تركيب ذهني عقلي اعتباري.
وكذلك أو لو أمكن وجود ذلك، فأما الذات التي لا تكون إلا حية عالمة، فلا يتصور انفكاكها عن الحياة والعلم، حتى نقول: إن الذات تركيب مع الصفات. تركب الموصوف من الذات والصفات، إنما يكون تركيبا لو كان هناك ذات مجردة عن تلك الصفات،
وكذلك أيضا الماهية المشار إليها القائمة بنفسها المباينة لغيرها، إنما يقال: هي مركبة من الأجزاء المنفردة، أو من المادة والصورة، ولو كان لهذا التركيب حقيقة، فأما إذا كان الجوهر الفرد باطلا، وتركب الجسم من الجوهرين: المادة والصورة باطلا، والأمور المشار إليها المباينة لغيرها من المخلوقات: كالشمس والقمر، ليس هو مركبا من أجزاء منفردة، ولا من جوهرين: مادة وصورة، فكيف يظن برب العالمين: أنه مركب من ذلك؟ [ ص: 145 ] وقد بسط هذا في غير هذا الموضع، وبين أن الأعيان القائمة بأنفسها خلقها الله تعالى كذلك، ليس فيها أجزاء تركبت منها، لكن يمكن أن يفرقها الله ويجزئها إلى أن يتصاغر جدا ثم يستحيل إلى نوع آخر، مع أن ذلك الجزء الصغير يتميز منه شيء عن شيء، وليس في الوجود عين قائمة لا يتميز منها شيء عن شيء.