الوجه الخامس
أنه إذا علم صحة السمع، وأن ما أخبر به الرسول فهو حق، فإما أن يعلم أنه أخبر بمحل النزاع، أو يظن أنه أخبر به، أو لا يعلم ولا يظن.
فإن علم أنه أخبر به امتنع أن يكون في العقل ما ينافي المعلوم بسمع أو غيره، فإن ما علم ثبوته أو انتفاؤه لا يجوز أن يقوم دليل يناقض ذلك.
وإن كان مظنونا أمكن أن يكون في العقل علم ينفيه، وحينئذ فيجب تقديم العلم على الظن، لا لكونه معقولا أو مسموعا، بل لكونه علما، كما وإن كان الذي عارضه من العقل ظنيا، فإن تكافآ وقف الأمر، وإلا قدم الراجح. يجب تقديم ما علم بالسمع على ما ظن بالعقل،
وإن لم يكن في السمع علم ولا ظن فلا معارضة حينئذ، فتبين أن الجزم بتقديم العقل مطلقا خطأ وضلال. [ ص: 138 ]