ويظهر هذا بالوجه الثالث: وهو أن النافي لمثل هذا التلازم، إن كان متفلسفا فهو يقول: إن ذاته مستلزمة للممكنات المنفصلة عنه فكيف يمتنع أن تكون مستلزمة لصفاته اللازمة له ، أو لما هو داخل في مسمى اسمه؟ وهو أيضا يسلم أن ذاته تستلزم كونه واجبا وموجودا ، [ ص: 222 ]
وعاقلا [ومعقولا] وعقلا ، ولذيذا وملتذا به ، ومحبا لذاته ومحبوبا لها ، وأمثال ذلك من المعاني المتعددة .
فإذا قيل: هذه كلها شيء واحد .
قيل : هذا مع كونه معلوم الفساد بالضرورة، لكونه تضمن أن العلم هو الحب ، وأن العالم المحب هو العلم والحب فإن قدر إمكانه ، فقول القائل: إن الجسم ليس بمركب من الهيولي والصورة ، ولا من الجواهر المنفردة ، بل هو واحد بسيط ، أقرب إلى العقل من دعوى اتحاد هذه الحقائق .
وإن كان من المعتزلة وأمثالهم فهم يسلمون أن ذاته تستلزم وإن كان من أنه حي عالم قادر، الصفاتية فهم يسلمون استلزام ذاته للعلم والقدرة والحياة وغير ذلك من الصفات، فما من طائفة من الطوائف إلا وهي تضطر إلى أن تجعل ذاته مستلزمة للوازم، وحينئذ فنفي هذا التلازم لا سبيل لأحد إليه، سواء سمي افتقارا أو لم يسم، وسواء قيل: إن هذا يقتضي التركيب أو لم يقل .